وفاة يوسف القرضاوي الرئيس السابق لاتحاد علماء المسلمين: نهاية العصر الذهبي للإخوان؟

يوم امس الاثنين اعلن عن وفاة يوسف القرضاوي الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عن عمر ناهز 96 عاما.

وذلك وفق ما نشر على موقعه الرسمي بشبكة التواصل الاجتماعي «تويتر» الذي كان المصدر الاساسي للخبر المتناقل عبر مختلف وسائل الاعلام.
خبر وفاة يوسف القرضاوي كان الحدث الرئيسي لعدة وسائل إعلام عربية لما للرجل من تأثير مباشر او غير مباشر على حقبة من الزمن برز فيه بشكل لافت كـ«مرشد» لتنظيم الاخوان/الجماعة التي انتسب اليها في فترة مرشدها الاول حسن البنا الذي كلفه بمهام «دعوية» وهذا ما ذكره الرجل في مؤلفاته خاصة في سيرته الذاتية «سيرة ومسيرة».

وقد تحدث فيه يوسف القرضاوي عن علاقته بجماعة الاخوان المسليين في مصر وعن المهام التي كلف بها سواء من قبل مؤسسها حسن البنا او من قبل المرشد الثاني للجماعة حسن الهضيبي اللذين كلفاه بالدعوة في مصر بالنسبة للمرشد المؤسس وبنشر الدعوة في الدول العربية بالنسبة للهضيبي.
وبرز نجم يوسف القرضاوي في الجماعة قبل ان ينتقل الى قطر في 1977 بدعوة من الشيخ عبد الله بن تركي السبيعي، مفتش العلوم الشرعية بوزارة المعارف، والمسؤول عن التعاقد مع علماء الأزهر وغيرهم لتدريس العلوم الشرعية في مدارس قطر.

في قطر تشكلت مسيرة القرضاوي وبرز دوره تدريجيا بعد ان نال شهرة واسعة بفضل ظهوره في برنامج «الشريعة والحياة» على قناة الجزيرة الإخبارية كضيف شبه قار، يقدم على انه مصلح وفقيه اسلامي وهي الصفة التي لازمته طوال العقد الاول من الافية الثانية، لمن هم على غير جارية بالعلاقات التنظيمية للقرضاوي مع جماعة الاخوان المسلمين او ترأسه لاتحاد العالمي لعلماء المسليين، الذي ينظر اليه على انه واجهة التنظيم الدولي لجماعة الاخوان، بسبب انتساب جل قادة الاحزاب الاسلامية والاخوانية للاتحاد الذي اتخذ في الدوحة مقرا له بعد ان رفض في جل العواصم العربية والاسلامية لسنوات.
سنوات كان فيها يوسف القرضاوي يقدم كمصلح ديني بخطاب يبحث عن المصالحة بين الاسلام والحداثة ولكن هذا الخطاب لم يصمد مع بداية الثورات العربية التي سوّقت التنظيمات الاسلامية ليوسف القرضاوي على انه «مرشدها الروحي» واستعارت الكثير من فتاواه ومواقفه وتصريحاته ووظفتها لهذا الغرض.
عشر سنوات بزع فيه نجم القرضاوي الذي زار تونس في مناسبتين بدعوة رسمية. الاولى كانت في زمن نظام زين العابدين بن علي ، حيث استضافته الدولة التونسية بمناسبة فعاليات «القيروان العاصمة الاسلامية» 2009 والثانية في زمن حكومة حمادي الجبالي في 2012 حيث استقبل القرضاوي بحفاوة مبالغ

فيها من قبل مؤسسات الدولة التونسية وحركة النهضة التي فتحت له كل الفضاءات، من مساجد وكليات ليخاطب فيها التونسيين. ويومها قدم القرضاوي على انه «المرجعية» والاب الروحي والمرشد العالمي لتنظيم الاخوان المسلمين.

موقع ظل يشغله القرضاوي الذي افتى بالجهاد في سوريا وليبيا وداعيا الى «الصحوة الاسلامية» والى ان تنتهج الاحزاب الاسلامية التي بلغت الحكم سياسة التمكين وان تنفتح على التعاون مع مختلف التنظيمات الاسلامية والتيارات بما فيها التيارات الجهادية.

ومع ازاحة الاخوان المسلمين من الحكم في مصر في 2013 وانقلاب موازين الحرب في سوريا لصالح النظام مع احتدام الازمة الخليجية، شهد نجم القرضاوي بداية افوله، الذي انتهى به الى الابتعاد تدريجيا عن الصورة سواء بخروجه من رئاسة اتحاد العلماء المسلمين او بانسحابه من دائرة الاضواء بعد ان ادرج هو واتحاد العالمي لعلماء المسلمين في قائمة «التنظيمات والشخصيات الارهابية» لدول الخليج العربي غير ان وفاته امس الاثنين اعادت تسليط الضوء على الرجل ومساره ومسيرته خاصة وانه وبشههادة جل قادة التنظيمات الاسلامية يعتبر من ابرز منظري ومؤصلي حركات الاسلام السياسي، وصاحب اول دعوة للعمل المشترك بين مختلف التيارات الاسلامية.

فالقرضاوي الذي يحرص على تقديم نفسه على ان يبين ورغم ارتباطه بحركة الإخوان المسلمين أنه لا يتأخر عن نقدها او دعوتها الى اعادة النظر في سياساتها خاصة إذا تعلق الأمر بادارة الحكم بعد الثورات والتحالفات التي وجب عليها ان تعقدها.
فالقرضاوي يدافع بشدة عن التعاون مع كل الحركات الإسلامية، الاسلام السياسي والاجتماعي والجهادي، اذ يرى ضرورة ان تشتغل وفق مبدإ التعدد والتنوع والتخصص لا التعارض والتناقض. ويرى بضرورة ان يقع التنسيق بين مختلف هذه الحركات والتيارات وان وتقف في القضايا الإسلامية الكبرى صفاً واحداً ديدنها الأصول الإسلامية الأساسية القائمة على الكتاب والسنة.

خيارات سياسية وجدت طريقها للتطبيق من قبل الاحزاب الاسلامية التي استلمت مقاليد الحكم سواء في مصر أو تونس قبل ان تنقلب الامور وتتوتر العلاقة بين هذه الاحزاب الاسلامية وبين الجماعات الارهابية قبل ان يغلق قوس حكم السلاميين خلال السنوات الفارطة ومعه أفل نجم رجل عاصر الجماعة منذ نشأتها وكان شاهدا على انطلاق عصر غلق قوس حكم الاسلاميين وبداية تفككهم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115