أيام قليلة قبل صدوره: القانون الانتخابي والمشهد السياسي الجديد

نظريا سيصدر المرسوم/القانون الانتخابي الجديد قبل يوم 17 سبتمبر الجاري ليكون الأساس القانوني الذي سينتج عنه مجلس نواب الشعب اثر انتخابات 17 ديسمبر 2022..

لا توجد معلومات يقينية حول هذا القانون / المرسوم فالدستور الجديد يتحدث (في نسخته المعدلة) فقط عن انتخاب مباشر ولكننا لا نعلم شيئا عن طريقة الاقتراع وعن دور الأحزاب فيها وعن طريقة اشتغال البرلمان الجديد وعن العلاقة التي ستربطه بالغرفة البرلمانية الثانية (مجلس الجهات والأقاليم).
لكن بعد اللقاء الذي جمع رئيس الدولة بزهير المغزاوي الأمين العام لـ«حركة الشعب» نملك اليوم معطيات هامة عن النوايا الرئاسية وفق ما أفصح عنه القيادي في «حركة الشعب» بدر الدين القمودي على أمواج إذاعة «ديوان اف.ام».
يتمثل التصور الرئاسي في التالي: انتخاب على الأفراد على دورتين في دوائر ضيقة وعلى المترشح (ة) أن يُقدم قائمة يزكيه فيها عدد من أبناء وبنات الجهة مع برنامج يتعلق بتصوره للحلول التنموية لجهته،أي للدائرة الانتخابية التي سيترشح فيها ..
نضيف إلى ذلك بالطبع مسألة سحب الوكالة الواردة في الدستور الجديد .

لو تأكدت هذه النوايا الرئاسية وتمت ترجمتها في القانون / المرسوم الانتخابي الجديد فإننا سنكون جوهريا أمام تأطير سياسي للبرلمان القادم مغاير لما شهدته البلاد منذ الثورة كما أننا لا نجد له مثيلا في بقية الديمقراطيات في عالم اليوم .
لسنا ندري هل سيحدد القانون القادم دور الأحزاب في العملية الانتخابية أم لا ولكن ما بدأ يتأكد اليوم أن الأحزاب السياسية لن تكون – في أحسن الأحوال – في قلب العملية الانتخابية ولا يعود الإشكال إلى طريقة الاقتراع في ظاهرها (الدوائر الفردية) بل في فلسفتها إذ لا يتم الحديث عن دوائر فردية (كما هو الحال في فرنسا وفي ديمقراطيات أخرى كذلك) بل نتحدث عن الاقتراع على الأفراد، أي أن الاقتراع لن يكون على ألوان حزبية حتى لو كانت الدائرة فردية بل على الاختيار على فرد من جملة أفراد دون الاعتماد على تزكية حزبية أو إسناد حزبي آو برنامج حزبي ودليل ذلك حاجة هذا الفرد إلى تزكية عدد معين من المسجلين في هذه الدائرة ولكن الأهم تقديمه لتصور محلي صرف لا يتحدث فيه إلا عن مشاغل ومشاكل دائرته فقط لا غير .

إذن لا وجود – مبدئيا – لبرامج وطنية تقدمها الأحزاب أو الائتلافات للفوز بأصوات الناخبين بل مجرد برامج أو تصورات عامة محلية تكون هي وحدها الفيصل،نظريا،بين المترشحين.

لهذا الأمر استتباع سياسي على غاية من الأهمية وهو خلو الحملة الانتخابية ضرورة من المنافسة بين مشاريع وطنية متصارعة أو متناقضة،فالصراع السياسي – إن وجد –سينحصر فقط بين المترشحين في دائرة واحدة وعماده المشاريع والأفكار المقدمة لتلك الدائرة المخصوصة .
يقول مفسرو المشروع الرئاسي أن هذه المشاريع المحلية سيتم التأليف بينها أولا على مستوى جهوي (الولاية) وثانيا على مستوى وطني في المجلس التشريعي،لكن من سيؤلف بين هذه المشاريع ؟ ثم كيف سنوجّه التصورات العامة في مجالات كالدفاع والأمن والتعليم والصحة والثقافة والاقتصاد ما دامت هذه المواضيع غائبة بالضرورة عن التنافس الانتخابي الفعلي؟

ليس من الضروري أن يمنع النشاط الحزبي ولكننا سائرون – فيما يبدو – نحو منظومة انتخابية تقصي الأحزاب ودورها بصفة فعلية لا بصفة قانونية.

ثم إذا ما أضفنا إلى كل هذا أن مكوّنات هامة سوف تقاطع هذه الانتخابات القادمة سنكون حينذاك أمام انتخابات قد تشارك فيها بعض الأحزاب الداعمة للرئيس ذات التمثيلية الشعبية المحدودة أو المنعدمة تماما مع كيان سياسي جديد يتمثل في أعضاء تنسيقيات الحملة التفسيرية والذين يعتبرون أنفسهم الدعامة الفعلية الوحيدة لمشروع الرئيس ..

يبدو أن الكواكب قد استوت ليتحول النظام القاعدي إلى واقع ملموس في مؤسسات الدولة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115