جديدة تفيد بان الخلاف بين الرئيس ومعارضيه لم يحسم لا بالصندوق ولا بالالتجاء الى «التونسيين» مما ولد تفرعات جديدة للازمة السياسية فاقمتها وفاقمت من الضغوط المسلطة على الدولة التونسية وباتت تتهددها في مقتل.
ففي ظل صراع داخلي قسم البلاد الى فريقين والمحدد لهوية كل منها موقفه من الرئيس قيس سعيد ومن مساره السياسي الذي انطلق في 25 جويلية 2021 وما تبعه من تطورات سياسية انتهت اليوم الى جعل الضغوط الدولية عنصرا من عناصر المعادلة السياسية في تونس.
انقسام تعيشه البلاد وهي في اوج ازمتها الاقتصادية والمالية التي تتهددها بالذهاب الى نادي باريس لجدولة ديونها وهذا ستكون له استتباعات ثقيلة على التونسيين ومعاشهم اليومي الذي لا يكاد يصمد في ظل الازمة التي اثيرت جراء الحرب الاوكرانية. والانقسام يسحب من البلاد والطبقة السياسية كل اوراق اللعب والمناورة للخروج من الازمة وحسمها ويترك لهم مخرجا وحيدا يقوم على عقلنة المسار السياسي وايجاد ارضية تلتقى فوقها القوى السياسية من سلطة ومعارضة وتنتهى بخيارات ذات مشروعية ومقبولية تمكنان البلاد من الخروج من الوضع من الاستثنائي الى العادي جنبا الى جنب مع معالجة ازمتها الاقتصادية والمالية.
وهذا المخرج اليوم ممكن ولكن بشرط موضوعي وهو الحوار، شرط يبدو ان جزءا من القوى السياسية المنتسبة للمعارضة ادركته بعد تفكيكها واعادة تركيب المواقف الغربية لمعرفة هوامش الحركة والمناورة المتاحة امامها وادركته السلطة التي استشعرت وجود خطر في دعوات القوى الدولية إلى الانفتاح والعودة الى الديمقراطية.
وهنا بعيدا عن محاولة توجيه الانظار وجعلها مشدودة فقط الى مسألة السيادة الوطنية وكيفية تدخل القوى الغربية في خيارات الشارع التونسي، وجب ان يتذكر الجميع وقائع بسيطة تتعلق بان تعمق الانقسامات الداخلية والصراع السياسي الراديكالي الباحث عن الحسم النهائي للاختلاف في ظل وجود ازمة مالية واقتصادية ومراهنة الدولة على دعم المجتمع الدولي هو ما يفتح الباب امام التدخل الاجنبي باشكال عدة واليوم نحن امام احدها وهو الضغط المباشر والصريح والتلويح بوقف الدعم المالي بالاساس.
اي ان الحالة السياسية الراهنة لتونس وانقسام طبقتها السياسية وخوض السلطة لصراع سياسي يرغب في ان ينهى وجود احزاب وتيارات سياسية بشكل كلي هي التي تمنح الاخر مجالا للتدخل والتاثير كما وقع في 2013 في تونس من ضغط دولي وتدخل مباشر من قبل قوى اقليمية ودولية لدفع الفرقاء التونسيين الى التحاور وهو ما كان وانتهى بحوار وطني.
واليوم هذه القوى تريد ان تكرر التجربة بالضغط على القوى السياسية للذهاب الى الحوار، وهو ما التقفه الجميع وعبر كل منهم عن موقفه اما الرافض او المرحب، مما يعنى ان النقاش السياسي اليوم وهامش المناورة بين السلطة والمعارضة هو مسألة الحوار الوطني.
فان كان موقف السلطة يتجنب الخوض او الافصاح المباشر عما اذا كانت ستتجه للحوار لإدارة باقي مسار الاستثناء ام انها ستتمك بان الدستور حسم الصراع لفائدتها ولاحاجة لها الى ان تحاور قوي سياسية حشرتها منذ سنة في الزاوية ، فان هذه القوى السياسية وخاصة حزبي الدستوري الحر وحركة النهضة اختارا ان يكونا اول من يتحرك بهدف افتكاك المساحات التي قد تمكنهما من ان يكونا جزءا فاعلا في الحوار الوطني.
اذ يبدو ان استنتاجات الحزبين تنتهى الى ان الحوار سيعقد لانه الحل الوحيد المتبقي للبلاد للخروج من ازمتها، وان لم تتضح بعد ملامحه العامة او تفاصيله ودقائقه الا ان قراءتيهما السياسية تنتهى بان الحوار سيعقد ولهذا فان كل منهما يرى ان المبادرة اليوم بطرح الحوار والدفاع عنه سيمكنهما من اعادة تجربة الباجي قائد السبسي في تزعم المعارضة وقيادتها سنة 2013.
في ظل صراع المشروعية والضغوط الدولية: هل يتجه الرئيس وخصومه إلى الحوار؟
- بقلم حسان العيادي
- 10:20 02/08/2022
- 962 عدد المشاهدات
بات جليا ان نسبة المشاركة في الاستفتاء غذّت الجدل بشان «مشروعية» مسار 25 جويلية بعد ان تشكّلت اوزان سياسية وانتخابية