تضارب الأرقام والنسب: هل ستشرف هيئة بوعسكر على الانتخابات التشريعية؟

أطلقت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النار على اقدامها حينما بحثت عن تبرير تضارب المعطيات والأرقام التي قدمتها في الندوة المخصصة للإعلان

عن النتائج الاولية للاستفتاء والتي تضمنت اخطاء فادحة وواضحة بررتها الهيئة بأنها «تسرب» لأخطاء مادية لا تؤثر على النتائج وذلك في بلاغ اصدرته امس.
بلاغ زاد من خسائر الهيئة التي اشارت في بلاغها الى ان النتائج التي قدمتها «سليمة» إذ أن بعض الملاحق التي وقع نشرها على موقع الهيئة تضمنت اخطاء تمثلت في الفروق الكبيرة بين الارقام التي قدمتها محاضر الهيئات الجهوية عن المشاركين في الاستفتاء وبين الرقم النهائي الذي نشرته الهيئة المركزية.
وتمثل الخطأ وفق بلاغ الهيئة في ان «تسرب جدول غير محين ضمن ملحقات قرار النتائج» ولمعالجة هذا الخطأ سحبت الهيئة الجدول وشددت على ان النتائج التي قدمتها لا تشوبها شائبة وهي سليمة كما انها أولية قابلة للطعن.
بلاغ كانت الهيئة تراهن على انه سينهى حالة الجدل التي سببتها لنفسها بأن نشرت معطيات وارقاما غير دقيقة تزامنت مع تسجيل ترفيع ملحوظ في عدد المشاركين في الاستفتاء الذي بلغ وفق الهيئة 2.830094 ناخب مما يمثل نسبة 30.5 % من الجسم الانتخابي بارتفاع قدر بثلاثة نقاط عن النسبة التي قدمتها الهيئة بعد غلق مراكز الاقتراع يوم الاثنين الفارط ونجم عنها ارتفاع بـ371109 ناخب عن الرقم الاول.

هذا التطور في الارقام والنسب مع تضارب المعطيات التي قدمتها جداول الهيئة كانا كفيلين بأن يطرحا ألاف الاسئلة عن سلامة المسار ونزاهته وعن عدم انحراف الهيئة عن وظيفتها او على الاقل عن مدى قدرتها وجاهزيتها للإشراف على مسار الاستفتاء او غيره من المسارات خاصة بعد ان قدمت اجابتها عن الخطأ الفادح المسجل بان جعلته «خطأ» تسرب.

بهذا الخطأ او بدونه لن تتغير الاوزان الانتخابية التي كشفها ألاستفتاء وهي ان غالبية التونسيين اعلنوا عن عدم اهتمامهم بالشأن العام والسياسي منه على وجه الدقة وأنهم غير معنيين بتفاصيله وهم يمثلون النصف تقريبا.

مقابل هؤلاء العازفين عن الانخراط في مسار ألاستفتاء نجد أن النصف الثاني قد انقسم الى شقين: الاول انصار الرئيس ومشروعه السياسي والذين صوتوا بـ«نعم» في الاستفتاء والثاني شق المعارضين له ولمشروعه السياسي وهم يتمثلون اما بمن اختار المقاطعة النشيطة او من صوت بلا في الاستفتاء.
أي ان الاوزان الراهنة لا تسمح لاي طرف سياسي سواء أكان في المعارضة او في الحكم بأن يفرض مشروعه او تصوره على كل التونسيين ولا ان يعلن عن انه يمثل الارادة الشعبية، والامر سيان بالنسبة للرئيس او معارضيه لا يمكن لاي منها ان يحتكر تمثيل التونسيين بل هما يمثلان جزء من التونسيين فقط.
جزء لا يمكن أيا منهما من المرور بقوة او فرض وصاية او خيارات، واي دفع في اتجاه التصيعد قد يؤدي اليوم الى نتائج وخيمة خاصة وان المعطيات المتضاربة وتناقض الارقام المقدمة بين الهيئات الفرعية والهيئة المركزية عقد الامر بالنسبة للسلطة.

فالصورة التي قدمت سلبية جدا، فهي وإن لم تتعلق بالتزوير الصريح والفاضح إلا أنها تتعلق بفشل الهيئة التي عينها الرئيس في ان تكون مؤتمنة على اصوات التونسيين وهذا سيمنح معارضي الرئيس هامشا من الحركة والقدرة على التشكيك في كامل المسار واعتبار ان الهيئة لم تكن نزيهة ولا مستقلة ودليلهم التضارب في الارقام حتى وان كان مجرد خطأ.

وضع سيتفاقم خلال الايام والاسابيع القادمة خاصة وان الرئيس يريد ان يمضي بسرعة الى صياغة قانون انتخابي لتنظيم انتخابات ديسمبر 2022 مستندا الى ما يعتبره تفويضا شعبيا يمكنه من فرض خياراته على الجميع، أما اليوم ومع ضعف نسبة المشاركة، سواء كانت 30.5 او 27.54 فانه يغامر بالكثير إذا اعتمد ذات النهج والمرور بقوة.

فالقوة اليوم ستقدم الرئيس في صورة حرص هو عن ان ينفيها عن نفسه ومضيه في خياراته دون تمهل ومراجعة يعنى انه يدفع بخصومه وبكل القوى التي اختارت الصمت والحياد الى ان تتخذ مواقف حدية منه ومن بقية المسار الذي سيديره الرئيس بقانون انتخابي يصوغه بمفرده وبهيئة انتخابات فقدت مصداقيتها لدى جزء من التونسيين والتونسييات.

اليوم بمقدور الرئيس ان يقلص من خسائره وان يمنح البلاد هدنة تعينها على تجاوز ازماتها الاقتصادية والمالية. وان يتجنب المرور بقوة وفرض سياسة الامر الواقع على الجميع بأن يدفع بالبلاد الى انتخابات تشريعية بقانونه الخاص وبهيئة فقدت مصداقيتها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115