فرصة جديدة لتحقيق كسب سياسي وفي هذا لا يختلف من يحكم عن من يعارضه. ولعل ملف الباخرة «إيكسلو» عينة تكشف عن حجم التهافت والتجاذب بين الجميع.
هذه الباخرة التركية الحاملة لراية غينيا الاستوائية والمحملة بحوالى 750 طناً من مادة الغازوال والقادمة من ميناء دمياط المصري والمتجهة إلى مالطا، تعرضت يوم الجمعة 15 أفريل الجاري الى تسرب الماء الى غرفة المحركات مما ادى الى غرقها بعد إنقاذ طاقم السفينة المكون من 7 أفراد من قبل السلطات التونسية.
سفينة محملة بـ750 طنا من المواد البترولية تغرق قبالة السواحل التونسية وتحديدا في خليج قابس ومعها تلوح كارثة بيئية وشيكة إذا تسربت محتويات الباخرة من غازوال، وهو ما لم يتم الى حدود الان وفق تأكيدات المصادر الرسمية التي اشارت الى ان التسرب الحاصل هو لزيت المحركات، أما خزانات الغازوال فهي سليمة ولا تسرب منها.
تصريح ادلى به القائمون اليوم على خطة التدخل العاجلة. وهما بالأساس وزير النقل ووزيرة البيئة اللذين عقدا ندوة صحفية يوم الاحد الفارط لتقديم المعطيات الاولية عن الحادثة وعن السفينة الغارقة والاهم عن خطة الاحتواء التي تتبعها الدولة التونسية.
خطة اعلنت الرئاسة بدورها عن انها منخرطة فيها وان الرئيس بصفته القائد الاعلى للقوات المسلحة قد اذن لجيش البحر منذ عشية يوم السبت 16 أفريل 2022، بقيادة الأعمال والتدابير التي يقتضي الوضع اتخاذها بعد غرق باخرة في عرض خليج قابس وذلك وفق نص البلاغ الصادر عن رئاسة الجمهورية.
بلاغ ارادت من خلاله الرئاسة ان تعلن انها وعبر المؤسسة العسكرية ستتولى ادارة ملف الباخرة، وهذا بعد 24 ساعة من حادث الغرق جراء التخبط الذي اصاب مؤسسات الدولة في المعالجة خلال الساعات الاولى التي غابت فيها مؤسسة الدولة ولم تقدم معطيات رسمية لتطمأنة التونسيين وخاصة المتضررين بشكل مباشر من الحادثة ومن تداعياتها البيئية وهم بحارة قابس.
فيط الساعات الاولى اكتفت الدولة بالتلميح الى ان «الوضع تحت السيطرة» مع تقديم معطيات اولية منقوصة ومنها عدم الكشف عن الجهة المالكة للسفينة وحقيقة قيامها بالصيانة في قابس قبل ان تغادرها اياما قبل حادثة الغرق، كذلك التفاصيل السابقة للغرق وللاتصالات بين طاقم السفينة والسلطات التونسية. اضافة الى المطالبات الدولية للسلطات التونسية بان تحين معطياتها وان تتمتع بالشفافية في الكشف عن تفاصيل الملف.
ملف كل ما يقدم من تفاصيل بشأنه اليوم يتعلق بالبحث القضائي وبما كشفه من معطيات اولية، اضافة الى التطمينات التي قدمتها السلطات بانه وقع احتواء تسريب زيت المحركات وتطويق مكان غرق السفينة استعدادا للانطلاق في عملية شفط حمولتها بعد التاكد من سلامة الاجراءات وضمان عدم وقوع اي خطإ يتسبب في كارثة.
هذه هي الرواية التي تقدم من قبل السلطات التونسية بشان السفينة الغارقة، وهي لم تكن كافية لدى جزء من التونسيين الذين عبروا باشكال عدة عن ضيقهم وانتقادهم للسلطات وللحكومة ومن يمسك بدواليب الدولة اضافة الى حملة التشكيك التي انطلقت على وسائل التواصل الاجتماعي، حول صحة ما تقدمه الدولة من معلومات.
حملة تنطلق لتحقق للجهات التي تقف خلفها نقاط سياسية فهي تتعمد التشكيك في «استقرار الوضع» او في السيطرة عليه، بل وتشكك في دور السلطات التونسية في الحادثة وفي سلبية معالجتها للملف منذ بدايته وشبه الاهمال او التقصير اللذين يلاحقان مؤسسات تونسية.
حملة التشكيك ومحاولة انتزاع مكاسب سياسية في حادث بيئي هو نتيجة عدة عناصر لكن اولها المناخ الراهن الذي نتج عن خطإ كبير وقعت فيه السلطات التونسية وهي سياستها الاتصالية المنعدمة والتي يحل عوضا عنها اما خطابات الرئيس او الاشاعة والاستنتاجات التي تبحث عن تفسير الاحداث اما كمؤامرة او فساد واستبداد.
كل هذا جعل المناخ مهيئا للانقسام وللبحث عن مكاسب سياسية عوض ان تتكاتف كل مؤسسات الدولة والفاعلين في الشأن العام اولا لتطويق الكارثة ومنع تداعياتها البيئية وثانيا في دفع السلطات التونسية الى الذهاب في تحقيقاتها اشواطا ابعد من الاقتصار على استجواب طاقم السفينة. وثالثا ان يقع فتح مجال النقاش لصياغة سياسية بيئية وطنية ومراجعة خطة التدخل العاجل في الكوارث البيئية والطبيعية.
انقاسم طال كل شيء تقريبا في تونس وبحث عن التخندق والكسب السياسي حال دون ان تعالج كارثة بيئية وشيكة بما تستوجبه من جدية وتكاتف الجميع.
غرق سفينة «إيكسلو» والكارثة البيئية: التجاذب السياسي يطال كل شيء في تونس
- بقلم حسان العيادي
- 11:08 19/04/2022
- 992 عدد المشاهدات
لا يختلف اثنان في ان البلاد وإدارة ملفاتها باتت تخضع للتجاذب السياسي، بما يجعل من اي ملف اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي او بيئي،