تحريك النيابة العمومية لمنع صراع «الشرعيات»: التصدي لللعب بالنـــــار

«اين النيابة العمومية؟» ســـؤال طرحــه رئيس الجمهورية على وزيرة العدل في لقائها بها الجمعة الفارط ليوجه بشكل ضمني

توصيات بان تتحرك النيابة العمومية ضد المطالبين بـ«برلمان المهجر» و«حكومة الإنقاذ». ليؤكد الرئيس على سياسته القائمة على المواجهة القضائية لكل محاولات الدفع الى ازدواجية الشرعيات والمؤسسات.
لحماية «الشرعية» ولمنع البلاد من الانتقال الى وضع معقد تتنافس فيه المؤسسات وتتصارع فيه الشرعيات. طلب الرئيس قيس سعيد من وزيرة العدل ليلي جفال رئيسة النيابة العمومية ان تتحرك بسرعة دون ان يغفل عن انتقاد القضاء وسير المرفق القضائي.
انتقاد المنظومة القضائية وسيرها لم يكن لب اللقاء ولا هدفه بل كان التمهيد الرئيسي للخطوة اللاحقة وهي دفع النيابة العمومية لان تكون «درع» الشرعية القضائي في وجه الدعوات المتواترة من قبل خصوم سعيد من نواب البرلمان المنحل الذين يلمحون هذه الايام الى امكانية بعث «برلمان المهجر» وتشكيل حكومة إنقاذ.
خطوة اعتبرها سعيد - وهو مصيب في هذا- دفعا بالبلاد الى التناحر الدستوري والمؤسساتي وتهيئة للبلاد لتعيش على وقع شرعيتين تتنازعان الاختصاص والمشروعية تمهيدا لإدخال البلاد في ازمة شاملة ومعقدة لا خروج منها الا بتوافق بين المؤسسات والشرعيات على خارطة طريق تنتهى بانتخابات مبكرة.
هذا التخطيط الذي كشف عن نفسه بشكل متواتر تحت شعار حماية الديمقراطية والانتصار للدستور والبرلمان، ادركه سعيد وادرك خطورته لهذا اختار ان يتحرك، لكن حركته اقتصرت على المتابعة القضائية، في تكرار لذات التمشي الذي انتهجه بعد جلسات البرلمان في 30 مارس الفارط والخطوات التي تلت عملية حله من قبل الرئيس، وتتمثل في استدعاء عدد من النواب امام فرق امنية للتحقيق معها.
خيار ان يستنجد بالقضاء لمعالجة ازمة محتملة تهدد المؤسسات وتدخلها في حلقة مفرغة من صدام الشرعيات، يكشف ان الرئيس قد اتخذ قراراه بان يتصدى بقوة لكل محاولة او خطوة يعتبر أنها تهدد «الشرعية» او تسعى لفرض ازمة مؤسساتية بالبلاد.
التصدى لمحاولة افتعال صدام الشرعيات في البلاد خيار سليم ومنع لمحاولة اللعب بالنار وتهديد تماسك البلاد ووحدتها، ولكنه إذا اقتصر على المعالجة القضائية والأمنية سيكون قاصرا عن تحقيق الاستقرار السياسي اللازم لاستكمال مسار الخروج من الوضع الاستثنائي الى الوضع الطبيعي.
فخيار الملاحقات القضائية ضد من يطالبون بتشكيل برلمان في المهجر او حكومة انقاذ وطنية، قد يكون جدار صد لمحاولات دفع البلاد الى ازدواجية الشرعيات والمؤسسات ولكنه في المقابل لن يخفّض من حدة التوتر في المشهد السياسي ولا من حالة الاحتقان السياسية التي تتفشى في الطبقة السياسية التونسية كمرض معد خاصة وان خيار الملاحقات القضائية سيكون بمثابة الاستنجاد بالمدفعية الثقيلة لمواجهة مناورة سياسية لا يمكنها الذهاب بعيدا ولا تغيير الموازيين على الارض، وهنا ليس الامر وكأنه اعتراض على خيار التصدي لمحاولة اقحام البلاد في نفق الصراع المؤسساتي فالدفع بالبلاد الى هذا النفق لعب بالنار وجب التصدي له.
لكن ماذا بعد هذه الخطوة من الرئيس هل سيعدل من خياراته السياسية ومن تصوره للحوار الوطني مع الاحزاب بهدف تنقية المناخ السياسي بما يساعد على الخروج من حالة الخطر المهددة للبلاد. خطوة الملاحقة القضائية وان كانت تمنع تواصل اللعب بالنار فانها ودون اعادة قراءة المشهد وعناصره الجديدة من قبل الرئيس ستكون بمثابة اذكاء للنار لا اخمادها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115