الرئيس يواصل لقاءاته التمهيدية للحوار الوطني: أية مخرجات سياسية لحوار تنقني ؟

استأنف رئيس الجمهورية سلسلة لقاءاته مع المنظمات الوطنية في بداية هذا الاسبوع وعلى غرار ما سبقه وانتهت بإعلان رئيس الجمهورية

عن توجهه لعقد حوار وطني. يخيل انه سيكون في اسرع وقت. ولكن الزمن السياسي عاد إلى تباطئه والى خطواته الثقيلة مما بات يطرح سؤالا عن جدوى هذا الحوار ومضمونه ان كان سيتأخر عن موعده.
انتهى الاسبوع الفارط بإحداث سياسية هامة، اولها قرار الرئيس القاضي بحلّ البرلمان وعقده للقاءات مع المنظمات الوطنية، اتحاد الشغل ومنظمة الاعراف وعمادة المحامين، نهاية الاسبوع الفارط، واتحاد المرأة ورابطة حقوق الانسان يوم امس.
لقاءات اعلن فيها الرئيس انه لن ينفرد باتخاذ القرارات ان تعلق الامر بالاصلاحات السياسية المزمع اجراؤها، وانه سيطلق حوارا وطنيا له ارضية سياسية عنوانها الابرز انهاء منظومة 2011 بكل مخرجاتها المؤسساتية والدستورية والسياسية.
هذا الحوار الذي اعلن عنه الرئيس امام الوفود المشاركة، لم تتضح من ملامحه غير بعض التفاصيل، وهي انه سيلتزم بمخرجات الاستشارة الشعبية خاصة التي تكشف عن التوجهات الكبرى، من قبيل النظام السياسي ونظام الاقتراع في الانتخابات التشريعية، وثانيا انه لن يشمل «الفاسدين والمتأمرين» في اقصاء لكيانات سياسية تتصدرها حركة النهضة بالاساس.
هذا الحوار الوطني كشف الرئيس بشكل غير مباشر عن كونه سيقتصر على الجوانب التقنية، وذلك بتشديده على انه سيعتمد مخرجات الاستشارة الالكترونية، بحيث ان من سيشارك فيه، وهوية المشاركين الى اليوم مقتصرة على المنظمات الوطنية الثلاث التي يمكن ان يلتحق بها شخصيات وطنية اي ان الرئيس حسم الجانب السياسي او النقاش العام، بان جعل الحوار مؤطرا وفق تصوره الخاص، فالحوار سيناقش تعديل الدستور والقانون الانتخابي وقانون الاحزاب والجمعيات لا من نقطة الصفر بل من المخرجات التي قدمتها الاستشارة الشعبية، وهي هنا ترسم ملامح هذه الاصلاحات بشكل كبير. اي ان هذا الحوار الوطني المرتقب قد انجزت اول محطاته وهي النقاشات العامة التي ترسم الارضية السياسية والبنود الكبرى للاصلاحات. وهذا ينسجم مع مروية الرئيس وتصوره للمسار السياسي الذي سيعود بالبلاد الى الوضع الطبيعي.
بهذا يكون الحوار الوطني الذي بشر به الرئيس المشاركين في اللقاءات التي عقدها بعد اعلانه عن حل ألبرلمان مقتصرا على جوانب تقنية وفنية اكثر من كونه حوارا شاملا ينطلق بنقاشات عامة وسياسية. اذ ان هذا القسم من الحوار استأثرت به الاستشارة الشعبية التي قدمت نتائجها الاولى وتوجهاتها الكبرى المتوافقة مع تصور الرئيس.
هنا يتضح ان الحوار الوطني الذي يبدو انه سيستثنى الاحزاب بما فيها القريبة من الرئيس والداعمة له، سيكون حوارا فنيا تقنيا بالاساس لتنزيل التوجهات العامة التي حسمت من قبل وهي تعديل الدستور وتعديل النظام السياسي ليكون نظاما رئاسيا وتعديل قانون الانتخابات واعتماد الاقتراع على الافراد..الخ.
هذا الحوار التقني سيخصص لتنزيل الخطوط العريضة للإصلاحات السياسية دون مناقشة جوهر هذه الاصلاحات او اعادة طرحها على النقاش العام لتعديلها او اثرائها، اي ان الحوار الوطني سيكون موجها الى تحقيق الارادة الشعبية المستخلصة من نتائج الاستشارة.
حوار لا يبدو انه سيغادر هذه الخانة. طالما ان كل شيء حسم تقريبا من وجهة نظر الرئيٍس، مضمون الاصلاحات التي يراد لها ان تجرى على الدستور والقوانين الاساسية في تنظيم الحياة السياسية، ومشاركة الجمعيات اليوم في الحوار هي لحسم بعض التفاصيل التقنية والفنية، وللمفارقة هذه التفاصيل التقنية مفخخة وجد متشابكة ، على غرار مسألة الاقتراع على الافراد التي تفرض هنا مسألة تحديد الدوائر الانتخابية وعلى اي مبدأ تتشكل هذه الدوائر. وهنا ايا كانت المقاربة او الطريقة في الاحتساب ستطرح ازمة بدورها.
خلاصة القول اننا نتجه لحوار انتزعت رهاناته السياسية فعليا، فهو لن يكون حوارا للحسم بين الخيارات السياسية المتوفرة، بل لتنزيل الخيار المقدم على الأرض وهذا بدوره يعنى ان الحوار الوطني المرتقب لن يشمل الاقتصادي والمالي، اي لن تطرح خطة الاصلاحات الكبرى على طاولة النقاش.
هذا يجعل الحوار الوطني القادم موضوع سؤال اساسي وهو مدى نجاعته ان وقع افراغه من اي رهانات فعلية. وهل ستشارك فيه المنظمات الوطنية ام ستقاطعه. اسئلة عدة يبدو ان الاجابة عنها ستحدد ان كنا نتجه للخروج من الازمة ام ان الرمال ابتلعت اقدامنا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115