في المجلس الوزاري المخصص لقانون مالية 2022: «المؤامرة» أداة حكم الرئيس

يابى الرئيس ان تمر اية مناسبة دون ان يقدم خطابا سياسيا مشحونا بعبارات تقسم التونسيين وتخوّن جزء منهم. حتى وان كانت المناسبة اقتصادية بامتياز

على غرار المجلس الوزاري المنعقد امس، الذي كشف عن ان الرئيس يتعمد ان يوجه انتباه التونسيين وتركيزهم الى «المؤامرة» التي تحاك ضده وضدهم لا ان يهتموا بقانون المالية.
فخطابه امس لم يحمل الا اشارات عابرة غير قادرة على رسم اية صورة عن قانون مالية 2022 وعن اهدافه، فقد اكتفى بالاشارة الى انه تم وضع مشروع قانون المالية لسنة 2022 على ما فيه من اكراهات، كانه يعلن انه غير راض عنه ولكنه مضطر للمصادقة عليه.
عدم الرضا سببه ان الاكراهات لا تحقق الاصلاحات التي يريدها الشعب، دون الحديث عن ماهية الاصلاحات، والسبب ان حكومته وجدت «إرثا ثقيلا» لا يمكن تصفيته او الحد من تداعياته الا «بقرارات جريئة» وهنا يقدم الرئيس هدف هذه القرارات وهو التوزيع العادل للثروة والثاني وضع حد لشبكات الفساد التي تُنهك المالية العمومية.

هذه الاشارة رافقتا تلميح من الرئيس بأنه لم تكن هناك مجال او بالاحرى «اختيارات كثيرة» لإدخال الإصلاحات المطلوبة من الشعب الذي يؤكد ان قناعته هي ان تستر الاصلاحات وفق ارادة التونسيين. لتحقيق المهم وهو ان «تكون نصوص المالية العمومية أقرب للعدل والإنصاف حتى لا تنعكس القواعد سلبا على الأغلبية وعلى الفقراء وحتى يسود العدل وتعمّ الحرية الحقيقية».
خطاب الرئيس إذا تعلق الامر بالمالية العمومية وكيفية تحفيز محركات الاقتصاد التونسي، لم يحمل الا شعارات سياسية اهتمت بتسويق افكار عامة من قبيل توزيع عادل للثروة دون تحديد من اين ستاتي هذه الثورة عبر الانتاج وخلقها ام عبر استعادة الاموال المنهوبة التي لازال الرئيس يستحضرها في خطاباته على انها حل لازمة البلاد المالية.

بلاد يقول الرئيس ان لها من الامكانيات الكثير دون شرح واقعي لهذه الامكانيات، فهو يدرك ان الدخول في التفاصيل والكشف سيُعري حقيقة ان حكومته لا تصور اقتصادي لها لادارة الازمة المالية والاقتصادية ولا كيفية توفير مناخات مناسبة لخلق الثروة، كل ما يقدمه الرئيس خطاب سياسي امتزج فيه الايديولوجي بالاقتصادي فكشف ان رئيس دولتنا يرى في القطاع الخاص «ثعلبا» يريد حريته في «قن دجاج».

هذه الصورة التي قدمها الرئيس تكشف ان الرجل غير ملم بمحركات الاقتصاد وخلق الثروة ناهيك عن كيفية تحقيق النمو او احتساب الناتج القومي الخام ولا لدور القطاع الخاص ولا لاهمية تحفيز المبادرة والاستثمار كمفاهيم قبل ان يدرك كيفية اشتغالها وكيف يمكن للدولة ان تسنّ سياسات تخلق الثروة قبل ان تنشغل في توزيع ما ليس موجود.

رئيس الدولة التونسية ورئيس مجلس الوزراء اختار امس في الاجتماع المخصص اساسا للمصادقة على قانون المالية ان يقدم خطابا سياسيا سوّق فيه بالاساس للمؤامرة التي قال انها تحاك من التراب التونسي على يد تونسيين خانوا وطنهم وتخابروا مع اجهزة مخابرات اجنبية بهدف القيام باغتيالات سياسية بل أنه ذهب الى ان يعلن ان وزير الداخلية تناهت اليه «مكالمة هاتفية» حملت تفاصيل عملية اغتيال وزمنها ومكانها» وهنا المح الرئيس إلى انه المستهدف بفتح قوس تحدث فيه عن عدم خشيته طالما أنه منتصر للشعب.
هذا الجزء من الخطاب الذي تعلق بالمؤامرة وبمهاجمة الخصوم ومنهم اتحاد الشغل، لم يكن استرسالا في الكلمة او قوسا فتح من الرئس جعله يطنب في الحديث، بل هو جزء من خطاب سياسي يريد الرئيس ان يحفره في ذهن التونسيين لتحقيق غرضين، الاول توجيه النظر الى مخطط اغتيال جديد يستهدف الرئيس من قبل اطراف لم يذكرها ولكنه حرص على ابراز تآمرها، والثاني تهيئة الشارع الى التعامل مع كل ما سيثار من نقاش على قانون المالية على انه جزء من مؤامرة لا تستهدف الرئيس بل تستهدف الشعب ومستقبله.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115