لقاءات الرئيس في هذا الأسبوع من أساتذة القانون إلى المجلس الأعلى للجيوش: تثبيت مسار 25 جويلية بالاعتماد على «المشهدية»

لم يعد خافيا ان المشهدية تهيمن على الساحة التونسية في ظل عجز اهم الفاعلين عن عقلنة الفعل السياسي ووضع

حد للهيمنة الايديولوجية في اذهانهم بما يحجب عن أعينهم حقائق الواقع والتي حلت محلها تصورات طوباوية لا يمكن تسويقها الا في قالب «فرجة».
الفرجة هي ما تعيش على وقعه البلاد للأسف منذ 2011 وليس فقط منذ الاسابيع الاخيرة. ومنها الاسبوع الجاري الذي شهد اقبال كل الفاعلين دون استثناء على تقديم الفرجة للشارع التونسي، وكانت مؤسسة الرئاسة هي المهيمنة.
فمنذ بداية هذا الاسبوع كانت كل خطوات الرئيس وتحركاته من اجل تحقيق غرض وحيد وهو الاعلان عن ان 25 جويلية ليس مجرد قوس قد يغلق. بل هي مرحلة جديدة لها نواميسها وقواعدها التي ترسمها الرئاسة بمفردها من منطلق انها تمثل الإرادة الشعبية. وطالما انها كذلك فان نهايتها لن تتم إلا بتحقيق اهدافها وهي اعادة رسم المشهد وقلبه رأسا على عقب.
لكن ككل عمل مشهدي هناك لحظات من الذّروة التي كانت في اجتماع المجلس الاعلى للجيوش برئاسة القائد الاعلى للقوات المسلحة رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي توجه بخطاب حاد لم يختلف في مضمونه وفي معاجمه المستخدمة عن السابق. غضب تخوين وتحقير للخصوم والمختلفين تمسك بالتصورات الطهورية وبالمشروع السياسي الخاص بالرئيس دون تقديم اي مخرج عقلاني من الازمة.
خطاب امتد لـ13 دقيقة لم يكن الهدف منه غير «المشهد» الذي يراد استحضاره. وهو مشهد كلمة الرئيس في 25 جويلة 2021 امام قادة المؤسسة العسكرية وإعلانه عن تفعيل الفصل 80 من الدستور وتجميد البرلمان وكل صلاحياته والإعلان عن مرحلة التدابير الاستثنائية. وهذا ما تم شكلا ومضمونا.
فالرئيس في كلمته كان حريصا على اعلان ان لحظة 25 جويلية مستمرة ولم تتاثر باي تداعيات سلبية لسياسات الرئيس طوال الفترة الفاصلة بين 25 جويلية و30 نوفمبر الفارط، اي انها لا تزال بزخمها والاهم انها باتت جزءا من الدولة، كما بحث الرئيس عن تمريره.
زخم في الشارع هو ما يلمّح اليه الرئيس رغم اقراره بان هناك من يحتج ومن يرفض الإجراءات. ولكن هذا الرفض لا يغير شيء من المعادلة خاصة وانه وقع وأد محاولة التسلل الى مؤسسات الدولة والتي لم يذكر منها الرئيس غير مؤسستين الامنية والعسكرية. اشارة واضحة وصريحة بان السلطة ومراكز قوتها لم تغادر مسار 25 جويلية.
هذا ما بحث عنه الرئيس وحرص عليه، ان يعلن انه لازال في موضع قوة وأنه اللاعب الاهم في المشهد، وهذا ما قدمته الصورة المسوقة، لكن ما لم يفصح عنه بشكل صريح ومباشر هو سبب هذا البحث المستمر على استحضار لحظة 25 جويلية واعادة إحيائها كلما خفت بريقها.
ويبدو ان الامر لا يتعلق فقط بالتصريحات الصادرة عن حركة النهضة وقادتها بشأن البرلمان وعودته وان ذلك قطعي لا شك فيه، ولا التلميح بان اول نشاط لهذا البرلمان في حال عودته اسقاط كل مراسيم وأوامر الرئيس. ولا بمخاوف من ان يصبح الاضراب العام في صفاقس يوم الـ10 ديسمبر الجاري نقطة تحول في المشهد.
بل هو حرص ينبع من بحث الرئيس عن الحفاظ على حزامه وانصار مشروعه السياسي، وابراز ان المشروع يمضى وان كان ذلك بخطى متأنية وثقيلة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115