الرئيس قيس سعيد ولحظاته السياسية 25 جويلية و22 سبتمبر: في انتظار لحظة الحكومة .. أي زمن تٌدفع إليه البلاد ؟

تعيش البلاد اليوم على وقع «لحظتين» سياسيتين، الاولى هي الخامس والعشرين من جويلية تاريخ تفعيل الفصل 80 من دستور 2014،

والثانية هي الثاني والعشرين من سبتمبر تاريخ صدور الامر الرئاسي عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية.
هاتان اللحظتان متصلتان متجانستان لدى الرئيس ولدى من عارض تفعيله للفصل 80 ولكنهما منفصلتان ومتناقضتان لدى طيف من التونسيين دعموا طوال الفترة الفاصلة بين 25 جويلية و22 سبتمبر 2021 الرئيس قبل ان يصبحوا اليوم معارضين صرحاء او منتقدين باحتشام وحذر له.
الرئيس وهو الفاعل السياسي الاول في البلاد اليوم وصاحب اليد العليا في شؤون الحكم والمعلن عن بداية زمن سياسي جديد، يرى في 22 سبتمبر 2021 استكمالا لـ25 من جويلية 2021 والذي بدوره عودة على بدء بهدف استكمال الثورة التي وقعت «خيانتها» في 14 جانفي2011 وفق الرئيس.
هذا يجعلنا ندرك ان سعيد يتحرك من مقاربة تفصّل الزمن وتجزئه الى لحظات سياسية، قام بالاولى في 25 جويلية بعد ان تيقن من «ان اللحظة اتت» وان الشارع ومكونات سياسية واجتماعية هامة ستقف في صفه او على الاقل ستتخذ موقفا لا يعارض صراحة خطوة تفعيله للفصل 80 من الدستور وتنزيله وفق قراءة توسيعية حمّلت الفصل الكثير من التأويل وتجزئة الزمن الى لحظات سياسية يقر بها الرئيس وذلك في خطابه بسيدي بوزيد في بداية الاسبوع الفارط، حينما علّل تمهله وعدم اقدامه على اتخاذ خطوات متمم لخطوة 25 جويلية بأنها كانت للفرز، في حين انها كانت تهيئة للخطة الثانية وتمهيدا لها، وهي لحظة 22 سبتمبر 2021.
هذه اللحظة التي يمكن ان تعنون اختزالا بلحظة «تفعيل الاحكام الانتقالية» والغاء ابواب من الدستور التونسي بامر رئاسي يمنح إلى الرئيس صلاحيات تنفيذية وتشريعية دون جهة رقابة او امكانية طعن او مساءلة. وهو ما التقفته الاحزاب والكيانات السياسية والاجتماعية في تونس، اي كان موقفها من 25 جويلية.
لنجد ان لحظة 22 سبتمبر وظفت من قبل من اعتبروا تفعيل الفصل 80 خطرا وخروجا عن الشرعية للاستدلال والتاكيد على ان للرئيس نزعة تسلطية، وهذا الموقف ليس هو المهم بل المهم هو انفضاض حلفاء واصدقاء الرئيس من حوله، فمن دعم 25 دويلية واعتبره في قراءته السياسية لحظة مهمة وحتمية للخروج من الازمة الدائمة لكنه وجد في 22 سبتمبر ما كان يخشاه.
وما يخشاه جزء من الطيف السياسي والمنظماتي التونسي ان تكون 22 خطوة جديدة في اطار مسار قدم الرئيس ملامح عنه في حملته الانتخابية وفي كلماته المتعددة لاحقا بصفته رئيسا للجمهورية. المسار الذي يخشاه الاتحاد وأحزاب كانت بالأمس القريب تدعم سعيد كالتيار الديمقراطي وهي انتقال البلاد لا من الديمقراطية الى الدكتاتورية بل الى نظام مجلسي ينهى وجود الاحزاب والمؤسسات التمثيلية الوسيطة، اي يخلي المشهد التونسي من اية قوة سياسية تستطيع ان تحقق التوازن مع الرئيس ايا كانت هويتها.
خشية وجدوا لها جذور في الامر الرئاسي 117 الذي وضع تنظيما مؤقتا للسلط العمومية يمنح الرئيس صلاحيات واسعة غير قابلة للمساءلة والاشارة الى تعديل الدستور والقانون الانتخابي بشكل احادي من قبل الرئيس الذي سيكتفي بتعيين لجنة تقدم له مقترحاتها قبل عرضها على الاستفتاء الشعبي. إضافة الى انه سيتولى تعيين الحكومة وسيكون الجهة الوحيدة التي يمكنها ان تراقب او تسائل هذه الحكومة.
مسار يبدو انه سيعزز بلحظة ثالثة هي لحظة الاعلان عن الشخصية التي ستكلف بتكوين الحكومة والتي ستكشف اكثر عن وجهة الرئيس ومدى استماعه للاصوات المتصاعدة بالرفض لخياراته السياسية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115