لقاء بين سعيد والغنوشي: هل تكفي النوايا للخروج من الأزمة؟

يوم أمس التقى رئيس الجمهورية قيس سعيد مع رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي، وهذا ما مثل الحدث بعد أيام

من ترقب اللقاء الذي وضعت الرهانات عليه، قبل ان تأتي الاخبار لتثير الكثير من الريبة.
فالبلاغات الصادرة عن رئاسة الجمهورية او عن البرلمان، لا تحمل الكثير من التفاصيل اذ اقتصرت على اعلان عن اللقاء ومكانه وزمانه ومن التقى من، اما عن مضمونه او المقترحات التي تقدم بها كل طرف، فالجميع يلزم الصمت.
صمت تركت مهمة كسره للمحيطين بالرجلين فقادة حركة النهضة ينقلون عن رئيسهم راشد الغنوشي انطباعه بان اللقاء كان ايجابيا دون شرح او تفسير لاسباب هذا التقييم، اذ بالنسبة لقادة الحركة طالما ان اللقاء امتدّ في الزمن فان هذا مؤشر جيد، اضافة الى انه اول لقاء ثنائي يجمعهما منذ جانفي الفارط.
اول لقاء ومدته كانا العنصرين البارزين في تقييم قادة النهضة، اما عن مضمون اللقاء او ما اقترحه رئيس الحركة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي من حلول للازمة او ما قدمه له الرئيس من مقترحات، فقد وقع الاعتذار عن تقديمه في انتظار اتضاح الصورة أكثر.
صورة تظل رغم اللقاء ضبابية. خاصة وان التلميحات الصادرة عن المحيطين برئيس الجمهورية قيس سعيد تاتي لتنسف التفاؤل والتقييم الايجابي الذي يقدم من قبل النهضة، فهم يشددون على ان اللقاء برتوكولي وانه كان مناسبة ليعلن الرئيس عن موقفه الثابت الذي لا يقبل التنازل عنه او التراجع فيه قيد انملة.
والقصد هنا ان الرئيس قال لضيفه راشد الغنوشي انه مع حوار وطني على غير الصيغ التقليدية، اي ان الحوار لن يكون بين الاحزاب او المؤسسات السياسية بل سيجمع مكونات المجتمع وخاصة الشباب. وهذا ما تكتفي دوائر مقربة من الرئيس بتقديمه لتتجنب كما تجنب قادة النهضة من قبلها الخوض الصريح في جوهر الازمة وهو الخلاف بشأن حكومة المشيشي ومصيرها والذي انفجر منذ سبتمبر 2020 وتجدد مع التحوير الوزاري في جانفي الفارط. فالرئاسة التي يشير المحيطون بها انها لم تغيير موقفها كانت قد اعلنت من قبل انها مع الحوار ولكن بعد رحيل الحكومة. قبل ان تعدل الامر وتجعله مبادلة حل ازمة الحكومة مقابل تغيير النظام السياسي.
فمصير الحكومة وما يتعلق بها من تفاصيل اضافة الى تعديل النظام الانتخابي والسياسي، يصمت الجميع عنها محيط الرئيس ومحيط الغنوشي، اذ يرغب المحيطان في تجنب توتير العلاقة، خاصة وان الرواية الرسمية لا تحمل بشائر الحل.
فالرئاسة وعلى غير عادتها لم تنشر تسجيل فيديو لكلمة الرئيس بل انها اكتفت ببيان مقتضب اقتصر على اعلان اللقاء ومناسبته وهي الاحتفال بالعيد 65 لبعث الجيش الوطني دون اشارة من قريب او بعيد لمضمونه الذي كشف بلاغ البرلمان انه تعلق بالأوضاع العامة دون تفاصيل. أي أننا اليوم امام مشهدية جديدة تتميز بتناقض الروايات وتقييمات اللقاء في صفوف المحيطين بالرجلين رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان، فمن هم مع الرئيس يشيرون الى ان اللقاء عادي ولا ثقل له على عكس ما يسوقه انصار رئيس البرلمان الذين يرونه لقاء مثمر وايجابيا طالما انه اذاب الجليد.
وهنا تصبح الخشية من ان الطرفيين يتعاملان مع الامر بمقاربة تقتصر على التسويق السياسي في ظل صراع على انتزاع تنازل من هذا او ذلك، وهو ما يجعل اللقاء مجرد اعلان نوايا الهدف الاسياسي منه ليس حل الازمة بل مجرد الالتقاء لإقامة الحجة على الاخر الذي رفض التقدم بخطوة في اتجاه الحل.
ليصبح اللقاء في افضل حالاته اعلانا للنوايا قابلا للتنزيل على ارض الواقع مثلما هو مهيأ لان يقف عند هذا المستوى، وهذا ما يجعل الدور المهم اليوم مناطا بالوسطاء لتقليص الهوة بين الطرفين وتحقيق توافق وتسوية تضع في عين الاعتبار ان البلاد هي التي ستدفع ثمن استمرار صراع دون أفق.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115