نهاية حكومة، نهاية حَوْكمة، نهاية منظومة ..

كنّا نعلم جميعا،تقريبا،أنّ منظومة الحكم المنبثقة عن الانتخابات العامة في خريف 2019 لا تملك عناصر الحياة الضرورية فضلا عن عدم امتلاكها حلولا لتونس..

هل يكمن الإشكال في كل مكوّن لهذه المنظومة على حدة أم في الفسيفساء الجماعية غير المنسجمة؟
وعلى كل حال لا يهم كثيرا الجواب فنحن اليوم إزاء مشهد واضح : نهاية منظومة بكاملها،لا نظام حكم فقط،،بل تصور ما للسياسة وممارسات وطريقة إدارة الأزمات وحوكمة للبلاد ..
وفي الحقيقة انهارت المنظومة الحالية على مراحل :
انهارت بداية في 2014 حين منيت أحزاب الترويكا بهزيمة نكراء لجناحيها ونسبية لقلبها (حركة النهضة)ثم واصلت المنظومة الانهيار في 2018 حين تقدمت القائمات المستقلة في الانتخابات البلدية على قائمات الأحزاب وتأكد الانهيار في الانتخابات العامة لـ2019 حين عاقب التونسيون «التوافق» وشهدنا تقدما لافتا لكل الأحزاب والشخصيات التي قدمت نفسها كمعادية للمنظومة..
والمنظومة ليست فقط شخصيات وأحزابا بل هي أفكار وتصورات كذلك،وسياسات عمومية (أو غيابها) وعلاقة معينة بالشأن العام ..
والمنظومة الآن غريبة التكوين شيئا ما لأنها أقحمت فيها،أو أقحمت فيها،عناصر هامة من المعادين للمنظومة في قلب السلطة في قرطاج أساسا وبدرجة اقل في مجلس نواب الشعب .
في سنة ونيف تأكد لدينا أن بعض من كان يقدم نفسه ضد المنظومة (منظومة الأحزاب ) لم يكن يختلف عنها في الجوهر في شيء يذكر ، صراعات على الحكم ولا شيء غير ذلك أو يكاد ..
لا يكفي أن تذم المنظومة لتكون أفضل منها،هذا ما اكتشفنا جزءا منه في سنة ونيف.
منظومة الحكم معقدة ومركبة ولكن الخيط الجامع بين كل مكوناتها هو تعميق الأزمة والمراهنة المرضية على فشل الخصوم دون العمل بجهد للنجاح وللتقدم بالبلاد.
ما عاشته تونس خلال اقل من 48 ساعة (من اجتماع مجلس الأمن يوم الاثنين إلى جلسة منح الثقة لأعضاء الحكومة الجدد يوم الثلاثاء 26 جانفي ) بيّن وبرهن على النهاية السياسية لمنظومة الحكم بكل مكوناتها .
لقد كان بالإمكان أفضل بكثير ممّا كان. لقد كان بإمكان مختلف مكونات هذه المنظومة أن تعي بالمنحدر الذي تعيش فيد البلاد نتيجة تراكم سياسات خاطئة،أو بالأحرى نتيجة غياب سياسات والاكتفاء بالتصرف اليومي السيئ ولكن متلازمة الضفدعة أدت بكل هذه المكونات إلى العمل بكل جهد من اجل إفساد السفينة التي تقلنا جميعا.
اليوم لم يعد يجدي نفعا معرفة هل سينجح هذا التحوير الحكومي برمته أم لا (لم تنته جلسة منح الثقة والجريدة تحت الطبع) وهل أن رئيس الدولة سيمنع بعض الوزراء من أداء القسم أمامه أم لا، فكل ذلك أضحى من قبيل المناورات في الوقت الضائع،في الساعة الخامسة والعشرين،تلك الساعة التي تغادر فيها الفئران السفينة قبل الغرق ..
الأخطر في الأمر أننا لم نعد متأكدين – كمجموعة وطنية – إن الحلّ يكمن في الصندوق وأن الديمقراطية ،على علاتها،قادرة على استيعاب كل الصدمات وان تسمح بإبراز الأفضل لخدمة البلاد .
فنحن لسنا فقط أمام منظومة مأزومة منتهية الصلاحية بل أمام أزمة نظام أصبح إصلاحه صعبا وكلفته قد تكون مرتفعة للغاية ..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115