غريبة أخرى في مجلس نواب الشعب: الظلاميون يهينون النساء والبلاد !

ما حصل في مناقشة ميزانية وزارة المرأة لا يكاد يصدّق . النائب محمد العفاس عن ائتلاف الكرامة يتدخل لمدة خمس دقائق ليصف المرأة التونسية الحديثة (ولا أقول الحداثية )

بأقذع النعوت وأن حريتها المزعومة حسب رأيه هي العهر والزنا والفساد والخناء وهي حرية يريد بها الفاسدون من الرجال الوصول إلى جسد المرأة إلى غير ذلك ممّا لا يصدر إلا على من هم من أسوإ ما في عصور الانحطاط من تفكير ذكوري موغل في الظلمات والجهل ..
حصل هذا تحت قبة مجلس نواب الشعب بتعلة «حرية التعبير» و»حق الاختلاف» والتي بهما أراد هذا النائب ومن هم على شاكلته محو تاريخ البلاد وحداثتها ومنجزاتها على جزئيتها وازدراء مجلة الأحوال الشخصية عنوان هذه «الحداثة الفاجرة» تحت مسمى التمسك بأحكام القرآن والشريعة .

هذا النائب وكتلته التي ساندته بوضوح يبينون مرة أخرى أن معركة البلاد مع الفكر الظلامي التكفيري لم تنته وأن لبس اللباس الإفرنجي لا يكفي للتمويه على البضاعة الذهنية عند هذا الائتلاف الذي جمع من كل تطرف زوجين أو أكثر..كما تتضح سخافة وضحالة حياتنا السياسية أيضا حيث تعقد التحالفات وتنسق المواقف مع محترفي التكفير والفكر الظلامي بالبدلات الافرنجية .

إننا أمام خيانة لليمين الذي يؤديه كل نائب في بداية مباشرته لمهامه «اقسم بالله العظيم أن أخدم الوطن بإخلاص، وأن ألتزم بأحكام الدستور وبالولاء التام لتونس» فهل نحن أمام نائب ملتزم بأحكام الدستور الذي ينص في فصله الواحد والعشرين «المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز».
ليس من المفيد مناقشة مثل هذه الخرافات والظلاميات لأنها تنتمي إلى عالم الغرائز الذكورية لزمن خلا حتى وإن وشحت أقوالها بآيات وأحاديث لادعاء الحجية الدينية في حين أننا أمام عقد ومركبات وجهل مزدوج بالدين والدنيا ..

لقد تأكد لدينا مرة أخرى أن للفكر التكفيري المتطرف اذرعا سياسية وإعلامية ،وها نحن أمام احد أهم اذرعها ولكن السؤال الأساسي اليوم لا يلقى على هؤلاء بل على من برر لهم وتحالف معهم وعدهم في صف الثورة وأنهم تيار فكري وسياسي يُتحاور معه ويُشرّك في تشكيل حكومة او أغلبية ..
لاشك أن في السياسة شيئا من الانتهازية ،ولكن إلى هذه الدرجة فذلك غير معقول وغير مقبول .

لقد سوق لنا البعض أن ائتلاف الكرامة حركة سياسية غير إيديولوجية منخرطة في خط الثورة وبهذا المعنى يجوز بل ينبغي الحوار معها .. ولكن تتضح الحقيقة مرّة أخرى فنحن أمام حركة خرجت من رحم رابطات حماية الثورة غير المأسوف عليها ومن الفكر السلفي التكفيري .
إننا أمام لحظة فاصلة في مشهد برلماني مترهل إلى أقصى الحدود والكل سيُسأل غدا عن تحالفاته وصداقاته وانتهازية حزامه السياسي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115