و جعلا الأيام صعبة على النفوس والبطون. كما كدّرا أحوال الأفراد والمؤسسات لما لحقها من تداعيات توقف النشاط و إستمرار الحاجيات والمصاريف.
كانت العادة خلال شهر رمضان أن تكثر الحركة للتزاور بين العائلات والأصدقاء والتنقل بين الأسواق ، في النهار لتقصير اليوم كما يقال ،و في اللّيل للسهر و السمر ومتابعة السهرات الفنية المختلفة و إرتداد المقاهي و ممارسة مختلف ألعاب الورق الديمينو و الشطرنج و غيرها.
كل هذا غاب وأُجبر الجميع على المكوث في البيت و ملازمة التلفاز الذي أصبح يُكره عليه حتى الّذي ليس من هواته .هذا التلفاز متعددّ الخيارات، تحوّل إلى مجال للاختلاف في العائلة الواحدة لاختلاف الأذواق والاهتمامات أمام كثرة الأطباق المعروضة عبر المحطات المتعدّدة ، يُعرض فيها الهزلي السمج و الساذج أحيانا ، و يعرض فيها القديم و كذلك القليل ممّا هو ممتع .
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
هذا المناخ الجديد المفروض على كل العائلات ، يصاحبه مناخ جديد آخر في النشاط له أثر مباشر على المداخيل ، خاصة بالنسبة الّذين ينشطون في القطاع الخاص التابعين للهيئات المهنية و مسدي الخدمات الخاصة و أصحاب الأعمال الحرة و العمال اليوميين و العرضيين . هؤلاء يواجهون ظروفا تجعلهم أكثر توترا، وأكثر خوفا من تواصل الحضر الصحي وحضر التجول،لما لذلك من أثر على أوضاعهم المالية ، أمام تواصل النفقات الخاصة بالكراء والإستهلاك الّذي ارتفع مؤشره حسب معهد الإحصاء وإرتفاع الأسعار.
لقد تأكّد أن التدابير المصاحبة لإجراءات الحجر الصحي الشامل ، الرامية لمساعدة المتضّررين ليست شاملة وغير كافية، لذلك لم يخف عدد من النشيطين في هيئات المهن الحرّة والأعمال الحرة رغبتهم في العودة للعمل بإستعمال وسائل وقائية كفيلة بمنع عدوى فيروس كورونا ،و إبتكار وسائل بديلة تحد من التقارب الاجتماعي .
لقد تبيّن أن تعطيل العديد من المرافق بشيء من العشوائية، تسبب في ضياع العديد من المصالح و سيخلق مصاعب كبيرة حتى بعد رفع الحضر الصحي نهائيا .
ولكن هذا الحجر لم يمنع المحتكرين والمجرمين في المجال التجاري من الاثراء و التمعش بالترفيع في الأسعار أو البيع المشروط . كما لم يمنع الحجر المخالفين في الكثير من الخدمات من إستغلال الظرف لتفردّهم بإستداء الخدمات مع الترفيع في مقابل خدماتهم .
إن ما يمس أوضاع المؤسسات والعاملين في القطاع الخاص و ما لذلك من تبعات اقتصادية ،هو أكثر أهمية من عدم تمكين المواطنين من التواصل المباشر طبق العادات و التقاليد الّتي يعرفونها في شهر رمضان وقد تكون فرصة للتخلص من العادات السيئة.
لذلك تنتظر فئات واسعة يوم 3 ماي المقبل للتعرف على القرارات الجديدة الّتي سيتم بموجبها الرفع التدريجي للحضر ،و كيفية تطبيقه في المجالات الحيوية و حتى في الخدمات البسيطة، لوقف تفاقم الأضرار. كل هذا طبعا ما لم يقرر الساهرون على الوضع الصحي والمتابعين له خلاف ذلك .