و الذي يصاحبه التمديد في فرض حضر التجول ، على أن تتولّى الحكومة تحديد مدّة التمديد و توقيت حضر التجوّل خلال الساعات القادمة .
تساءل المتابعون من الوهلة الأولى عن سبب ترك مهمة تحديد مدّة التمديد وتوقيت حضر التجوّل للحكومة ،و يمكن الرد على هذا التساؤل، بأن ذلك قد يعود لعدم إمتلاك المجلس لكل المعطيات الضرورية عند التئامه، أو ربّما لتجنب رئيس المجلس الخوض في التفاصيل وتجنب تحمّل تبعات القرارات المتخذة خاصّة إذا لم تحظ بالقبول الشعبي في مستهل شهر رمضان.
إذن تُـرك الأمر للحكومة لوضع مقترحات للإجراءات الواجب اتخاذها مستقبلا بخصوص التخفيف التدريجي من الحجر الصحي للفترة القادمة ، بخصوص الأوضاع الصحية و الاقتصادية و المالية و الاجتماعية التربوية و بما في ذلك طبعا ، المسائل المتعلّقة بعض الشعائر الدينية خلال شهر رمضان .
وتجدر الملاحظة في هذا الصدد ،أن مجلس الأمن القومي لم يترك للحكومة اتخاذ القرارات المناسبة و إنّما ترك لها وضع مقترحات فقط ،إذا اعتمدنا عبارات البيان الاعلامي الصادر عن مجلس الأمن القومي و هو ما يعني ضمنيا أن القرارات المنتظرة من الحكومة ستكون محل مشاورات أخرى إثر صدور الإعلام ،و بُفترضُ ان تكون مع بعض أعضاء المجلس أو كله أو مع رئيسه .
بدون بذل مجهود للقراءة بين السطور ، يتضح أن التباحث حول الإجراءات المتصلة بمجابهة فيروس كورونا ، يتمّ على صفيح ساخن ، بسبب الصعوبات المالية و الإقتصادية من جهة و بسبب مقتضيات التدابير المصاحبة و تبعاتها الإجتماعية من جهة أخرى .
إن ما نشهده من تباين في وجهات النظر بين الاتحاد العام التونسي للشغل وإتحاد الاعراف ومنظمة كوناكت وتصاريح العديد من الخبراء حول كيفية تطبيق التدابير الّتي أعلنت عنها الحكومة لمساعدة المتضررين من إجراءات الحجر الشامل و حضر التجول ، هي معطيات أقل ما يقال فيها ، أنها غير مطمئنة و تضع حكومة الفخفاخ في وضع لا تحسد عليه.
إن الحكومة الجديدة أصبحت مثقلة بأعباء مختلفة تهدّد عودها الهش، لذلك نراها اليوم بعد أن قادت حملة لنيل التفويض لرئيس الحكومة بإصدار مراسيم،تتحرّك بتؤدة في إصدار المراسيم المنتظرة في المجال القضائي والتعليمي و المالي ، مقابل التسريع بتحميل فئات دون أخرى أعباء صعوبة الوضع ،و مقابل القيام بحملات شعبوية لتلميع الصور السياسية.
زد على ذلك تداعيات الضعف في مجابهة المضاربة و الجرائم الإقتصادية ،و تزايد تذمر الفئات الشعبية ، الأمر الّذي يجعل الحكومة تتحرّك على جبهات مختلفة ، دون أن تجد الحزام الشعبي الّذي يدعمها بالقوّة اللازمة و دون أن يتوصل الخطاب السياسي للتحالف الحكام إلى إقناع عامّة الناس بحسن إدارة الأزمة في هذه المرحلة الصعبة.
عدم الإقناع هذا ، يصاحبه ضعف وتذبذب إتصالي ،و ارتكاب أخطاء بدائية من ذلك عدم إستشارة الجهات التي ينص الدستور على استشارتها عند سن القوانين الّتي تخص مجالها ،كما هو الحال للمجلس الأعلى للقضاء و هيئة مكافحة الفساد وغيرهما من الهيئات المهنية و أهل الخبرة في المجالات التي تستوجب التشريك أو التشاور . فغني عن البيان أن الحزام السياسي لا يتشكّل من الأطراف المتحالفة في الحكم ، بإعتبارها هي مستهدفة للمحاسبة على أعمالها ، وإنّما يتشكل من كل الأطراف الاجتماعية والمهنية الفاعلة و أراء الشخصيات الوطنية والقوى الحية في المجتمع ، الّتي لا يمكن التعويل عليها او تعبئتها ، دون ان يقع سماعها و تشريكها والتشاور معها عبر مختلف القنوات المتاحة . كما أن هذا الحزام لا يمكن ان يكون متينا متى تجاهل مخاوف وحاجيات الفئات الشعبية بتدابير عاجلة وفي نفس الوقت بسياسة جديدة تخطّط لما هو دائم . كما لا يمكن الاقناع بحزم الحكومة في مجابهة الفساد دون وقفة تبرهن للمواطن بأن المجابهة تقع حيث يوجد الفساد ، إذ لا يصدّق المواطن أي خطاب ،مهما كان مصدره ، إذا لم يعاين عن قرب ضرب مواقع المضاربة أو الترفيع في الأسعار أو غيرها من المخالفات والجرائم الإقتصادية حيث هو موجود.
في انتظار الإعلان عن الإجراءات الجديدة في الساعات القادمة ، يبدو أن ما ينتظر حكومة الفخفاخ سيكون أصعب إذا لم يقع التعديل قبل فوات الأوان بإجراءات عملية سريعة غير متسرعة وتجاوز الأخطاء ليس بالتبرير، وإنّما بالمعالجة الفعلية والفعالة لإصلاح الأخطاء .