وجل الجديد يحمل معه مخاوف جمة ويتحدى قدرتنا النفسية والتنظيمية والجماعية على المقاومة والتوقي وعلى رعاية مساحات الامل الضروربة للانتصار ثم التجاوز.
لم يعد بإمكان احد اليوم التهوين من شأن هذا الوباء العالمي او التقليل من اثاره الصحية والمالية والمجتمعية..فالأساسي لم يعد تعداد ضحايا فيروس الكورونا المستجد ومقارنته بالأمراض الوبائية الأخرى، بل في قدرتنا الفردية والجماعية على التأقلم مع هذا المستجد وعلى الخروج من هذه «الحرب» ونحن أفضل أخلاقيا من ذي قبل.
سجلت بلادنا وفق اخر تحيين لوزارة الصحة رقما قياسيا جديدا بـ59 حالة مؤكدة من بين 229 تحليلا فقط، لترتفع عدد الحالات المؤكدة مرة واحدة الى 173 حالة، ولكن الخطير هنا هو الحالات الناجمة عن العدوى الداخلية التي تجاوزت ولأول مرة الحالات المستوردة كما اكدّ ذلك وزير الصحة عبد اللطيف المكي في ندوته الصحفية يوم امس، بما يفيد ان هناك تسيبا مخيفا في تطبيق مستلزمات الحجر الصحي الذاتي وما يخشى حقيقة اليوم هو ان يفوق عدد المرضى المحتاجين للعلاج في وقت قريب نسبيا قدرات منظومتنا الصحية الحالية.
ستعيش تونس في الايام القادمة تفاقما مطردا لانتشار العدوى وسوف نعدها قريبا جدا بالمئات ثم بالالاف ومعها، للأسف، تعدد الحالات الحرجة والوفايات ومعها كذلك اجراءات وقائية اكثر صرامة امنيا وأكثر كلفة اقتصاديا واجتماعيا.
نلاحظ جميعا نوعا من التحسن النسبي في الالتزام بالحجر الصحي الشامل، نقول نسبيا لان الواضح ان عدد التونسيين في المؤسسات والإدارات والشوارع مازال مرتفعا ولن اللاكتظاظ على المتاجر مازال معاينا وان هناك نوع من الاستهانة بشروط السلامة في الاحياء دون ان نتحدث عما يجرى وراء ابواب المنازل واننا نحتاج لى ايام اخرى مع ردع اقوى وحوكمة واخبار اكثر سوء لكل نحترم الحد الادنى المطلوب من شروط الحجر الصحي الشامل وربما وقتا اطول نسبيا لكي نستبطن كل سلوكيات العزل الاجتماعي الضرورية لكسر انتشار العدوى.
أي اننا قد نبدأ فعليا في حجر صحي شامل بصفة مقبولة عند نهاية مدته الافتراضية باسبوعين وعندها ستجد السلط العمومية نفسها امام اختيارات صعبة للغاية اولها ضرورة التمديد في مدة الحجر الصحي باسبوعين على الاقل مع ما قد ينجر عن هذا من مساس بالمعنويات العامة للتونسيين ولكن الاعسر من هذا هو معالجة كل الاخلالات التي تبرز هنا وهناك في منظومتنا الصحية وفي احكم تزويد المواطنين بالمواد الاساسية وبقمع كل مضاهر الضجر التي ستبرز ضرورة هنا وهناك مع اتساع مطرد للفاتورة الجملية لايقاف عجلة الاقتصاد والانتاج وخلق الثروة في قطاعات اساسية بالنسبة لنا.
إنّ التفاقم السريع للحالات المؤكدة 173 حالة الى حدود ارقام يوم الثلاثاء 24 مارس على اقل من 1500 تحليل يبيّن ان العدوى بصدد اخذ حجم ضخم وبوتيرة اسرع من المتوقع بما يفيد اننا مضطرون اليون لصرامة اكبر واشد في تطبيق الحجر الصحي الشامل في الشوارع والاحياء والمنازل هذا لو رمنا تطويقا جديا للعدوى وما دون ذلك سنجد بلادنا تعيش سيناريوهات دول جنوب اوروبا ولكن دون ان تكون لها امكانيات هذه الدول.