وتتواصل الحرب على الإرهاب

استهدف يوم أمس إرهابيــــان يمتطيـان دراجة نارية ملغومة بالاضافة إلى حزامهما الناسف دورية أمنية قرب سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالبحيرة،

وقد أدى انفجار الدراجة النارية إلى موت الإرهابيين واستشهاد الملازم أول توفيق الميساوي وجرح أربعة عناصر من الدورية مع مواطنة وحالة هؤلاء جميعا مستقرة لا خطورة فيها .. رحم الله الملازم أول الشهيد توفيق الميساوي ورزق أهله وذويه وأحبته والعائلة الأمنية الموسعة وسائر التونسيين جميل الصبر والسلوان .
تمثل العملية الإرهابية الجبانة ليوم أمس محطة أخرى في هذه الحرب الطويلة التي فرضتها الجماعات الإرهابية على البلاد ليلة إحيائنا لملحمة بن قردان المجيدة في 7 مارس 2016 والتي مثلت منعرجا وطنيا وإقليميا وحتى دوليا في الحرب على جماعات الإرهاب السلفي الجهادي المعولم .
لاشك أن فلول جماعات الإرهاب المعولم أرادت أن تقول للتونسيين أنها مازالت موجودة وأنها تريد الإيهام بامتلاكها قدرة الإيذاء ولكن الحقيقة بينة إذ تثبت كل العمليات الإرهابية الأخيرة في العاصمة على امتداد هاتين السنتين الأخيرتين أننا أمام ردات فعل لمجموعات صغيرة العدد فاقدة لكل قدرة لوجيستية عالية على عكس ما كان يحصل من سنة 2013 إلى 2016 وأنها محاولات يائسة لبث الرعب ولحشد عزم من تبقى من عناصر موالية لجماعات الدم هذه .


في انتظار تبني محتمل لهذه العملية الإرهابية من قبل إحدى مجموعات الإرهاب المعولم يبدو التوقيت مرتبطا بحدثين اثنين : الذكرى الرابعة لملحمة بن قردان والانتقام لمقتل زعيم القاعدة بتونس أبو عياض بمعية بعض رموز هذه الجماعة في ماي منذ حوالي السنة وقد تم نعي هؤلاء منذ أسبوع بصفة «رسمية» من قبل تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي.
لا تهم كثيرا «المبررات» أو «الغايات» لهذه الأعمال الإجرامية كما أن البحث عن عقول مفكرة خارج الجماعات الإرهابية أي تلك «المخابرات» التي تريد «توظيف» الشباب المتطرف «الساذج» من اجل تحقيق أهداف «سياسية» إنما هو من قبيل لغو الكلام في أحسن الأحوال.. إنها نظرية بل نظريات المؤامرة التي تبني أوهاما على مدار الساعة وأحيانا في وسائل إعلامية ذات صيت جماهيري ..
وكل جهة لها حسابات أو خصومات سياسية تريد تحميل الطرف المنافس او المعادي مسؤولية عمليات إرهابية بعينها وبطبيعة الحال دون تقديم أية حجة أو شبه حجة على تورط جهة استخباراتية أو رسمية إنما يشتت الجهد ويسهم في خلق البلبلة وتعميق انعدام الثقة فيما بيننا بينما التفسيرات الأقرب إلى الدقة هي دوما تلك التي تتأسس على معطيات ومعلومات لا يرقى إليها الشك..
هنالك جماعات سلفية جهادية معولمة لجأت منذ عقود إلى الإرهاب كطريقة وحيدة للفعل على المستوى المحلي أو الإقليمي او الدولي، ولهذه الجماعات من القاعدة إلى داعش إلى كل من تفرع عنهما تاريخ وأدبيات وقيادات ومناخ تفسر النشأة والتطور والتفرع، فلم البحث دوما عن نوع من نزع المسؤولية عن هؤلاء بادعاء أن هنالك جهات من وراء الستار تحركهم أو تملي عليهم تصرفاتهم وأهدافهم ووسائل عملهم؟
لم هذه التفسيرات الغريبة من صنف ان هذه العملية الإرهابية تستهدف الانتقال الديمقراطي؟! أو أن استهداف المؤسستين الأمنية والعسكرية إنما هو لمعاقبتهما لأنهما حمتا الثورة التونسية (نعم هكذا !!)؟ والحال أن كل جماعات الإرهاب المعولم تستهدف كل النظم العربية وكل قواتها الأمنية والعسكرية باعتبارها «جند الطاغوت» وذلك أيا كان نظام الحكم وتحالفاته الإقليمية، فلم الإصرار على «تبرئة» الفاعلين الأصليين المعلنين والمفتخرين بهذه العمليات الإرهابية؟!
ما نحتاجه اليوم في تونس وحدة وطنية واعية في مواجهة الخطر الإرهابي قصد القضاء عليه نهائيا لا فقط أمنيا – وهذا أساسي وضروري ولكن كذلك تحصين كل شبابنا من جاذبية هذا الكابوس الدموي دون أن نبحث عن تسجيل نقاط ضد خصوم سياسيين..
الحرب على الإرهاب مسألة وطنية وإقليمية ودولية وبلادنا قد غيرت بصفة جوهرية المعادلة مع هذه الجماعات الدموية منذ أربع سنوات وما علينا إلا أن نواصل هذه الحرب دون هوادة وفي كل أبعادها وإخراجها بالكامل من مجال الخلافات السياسية.. فالأساسي هو احكام استراتيجيات الدولة والاستفادة من كل تجاربنا بايجابياتها (وهي كثيرة) وحتى من سلبياتها قصد اقتصار الزمن والثمن.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115