الإجماع الوحيد في تونس اليوم بعد أيام من المشاورات والصفقات فوق الطاولة وتحتها: منح الثقة للحكومة أمامكم والانتخابات المبكرة وراءكم

ما أشبه وضع تونس اليــوم بجيوش طارق بن زياد التي عبر بها من المغرب الأقصى إلى ما سيعرف لاحقا بالأندلس إذ لم

يضع أمامهم ، فعليا، إلا خيارا وحيدا وهو محاربة العدو أما خيار الهروب فقد استحال بعد إحراقه لكل السفن التي أقلت جيشه إلى الضفاف «الشمالية».
بعد تأويلات وتخريجات وتهديدات متبادلة دعا رئيس الدولة رئيس الحكومة ورئيس البرلمان ليقول بوضوح أن الفصل الدستوري الوحيد المنطبق هو الفصل 89 وأن حكومة الشاهد هي في وضع حكومة تصريف أعمال في اجتهاد لم يعتمد على نص صريح بل على القراءات المقارنة وما يعتبره هو روح الدستور، وفي غياب محكمة دستورية يصبح رئيس الدولة هو الناطق باسم الدستور حتى لو كره خصومه ذلك مادام هو صاحب «الختم» في كل الوضعيات .

إشترك في النسخة الرقمية للمغرب

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

يوم الأربعاء هو اليوم النهائي للشهر الممنوح لالياس الفخفاخ لتقديم حكومته إلى رئيس الدولة، حكومة إلى حدود مساء الاثنين لا تحظى بثقة أغلبية مجلس نواب الشعب، والرهان كل الرهان الملقى على عاتق الياس الفخفاخ هو إيجاد تسوية مع حركة النهضة ترضي الطرفين وتسمح لهما بمروية انتصار، ولكن لو أصرت النهضة على شرطها إلى الآخر وهو توسيع التشاور حول تشكيل الحكومة أي بإقحام قلب تونس عمليا في هذه العملية يصبح من الصعب، نظريا على الأقل، الوصول إلى حلّ ولكن بعدما أوضح رئيس الجمهورية قواعد اللعبة بصفة نهائية أصبح أمام كل الفرقاء حلان لا ثالث لهما : منح الثقة لحكومة الفخفاخ مع إدخال بعض التعديلات (؟) عليها أو الذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة.. ومن يراهنون على مرور حكومة يراهنون الفخفاخ هم في الحقيقة على خوف جلّ الأحزاب الممثلة في البرلمان من تحمل مسؤولية الأزمة السياسية أولا وإمكانية الاندثار أو الانهيار لبعضهم ثانيا.
ولكن هل يكفي هذا «الخوف» المفترض عند جل مكونات المشهد السياسي لتغيير موقف حركة النهضة المعنية به أساسا دون أن تحصل خطوة مهمة رمزيا من الياس الفخفاخ؟
هذا هو السؤال الوحيد الجدي اليوم وطرحه لا يمكن أن يكون بمعزل عن الصراع الواضح والجلي بين شرعيتين متنافستين رئيس الجمهورية من جهة ورئيس مجلس نواب الشعب باعتباره رئيسا لحركة النهضة الحزب الأول في البرلمان ولو لم يتجاوز نسبة %20 من الأصوات المصرح بها لفائدته أخري.
هل سيقدم الياس الفخفاخ على خطوة هامة تجاه النهضة، وبالتالي تجاه قلب تونس، مقابل خطوة هامة من النهضة، وربّما قلب تونس، لكي تمر حكومة الفخفاخ بأغلبية معقولة آم أن كل طرف سيتمترس في مربعه الأول وبالتالي لا مجال للالتقاء في منطقة رمادية وهكذا تكون الانتخابات السابقة لأوانها هي المخرج الدستوري والسياسي الوحيد المتاح أمام الجميع .
كل الجلسات العلنية والخاصة التي حصلت إلى ساعة متأخرة من يوم وليلة أمس سعت إلى تقريب وجهات النظر نحو إيجاد هذه المنطقة الرمادية الضرورية حيث لا ينتصر ولا ينهزم أحد..
الساعات القادمة ستكون فعلا مصيرية هذه المرة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115