لقد كان واضحا منذ يوم السبت أن الاختيار الرئاسي بعد المشاورة الكتابية مع الأحزاب والكتل النيابية قد انحصر بين ثلاث شخصيات : حكيم بن حمودة والفاضل عبد الكافي وإلياس فخفاخ وان قيس سعيد سيختار من بينهم من يراه الأقدر على تشكيل حكومة تنال ثقة مجلس نواب الشعب .
بعد طول تفكير اختار قيس سعيد احد منافسيه في الانتخابات الرئاسية الفارطة، إلياس فخفاخ مرشح التكتل والذي لم يحرز على تصويت ذي بال رغم حملة نوعية لاقت استحسان العديد من التونسيين..
عندما علمت الأحزاب باختيار الرئيس أبدت أهمها وزنا نيابيا امتعاضها بل واعتراضها ونقصد هنا بالاساس حركة النهضة وقلب تونس اللتين اعتبرتا أن رئيس الدولة لم يأخذ بعين الاعتبار الاقتراحات المكتوبة بهذين الحزبين وان في هذا الترشيح نوعا من الاستفزاز لهما .
بعد ساعات من التشاور والتفكير حسم صاحب قرطاج خياره مفضلا ترشيح من يعتبره الأقرب إليه فكريا وسياسيا رغم ضعف حزامه النيابي مبدئيا على شخصية اخرى يراها بعيدة عنه رغم إمكانية نيلها لثقة البرلمان بأكثر يسر ..
السؤال اليوم هل ستقبل الأحزاب والكتل الوازنة بهذا الترشيح وتسعى للتفاعل الايجابي مع رئيس الحكومة المكلف أم ستسعى إلى إجهاض العملية منذ البداية وان تدفع منذ اليوم الى المرور إلى انتخابات برلمانية سابقة لأوانها ؟
الأرجح لدينا أن يعرب الغاضبون عن غضبهم ولكن ان ينتظروا تعامل إلياس فخفاخ معهم وان يتبينوا المنهجية التي سيعتمدها في تشكيل حكومته .
إلياس فخفاخ الذي اكتشفه التونسيون مجددا خلال الحملة الانتخابية الرئاسية أمام تحد ضخم للغاية وهو إقناع معارضيه بان حكومته هي الحل اليوم لمشاكل تونس وأنها لن تكون ضد هذه الأحزاب حتى وإن يسعى بطبيعة الحال إلى عدم الرضوخ لها.
ولعل أهم عنصر سياسي في الأيام القادمة هو تعامل حركة النهضة مع هذا الترشيح إذ نعلم أن عددا من قيادات النهضة لا يعترضون على إلياس فخفاخ كما لا ندري هل أن امتعاض راشد الغنوشي متواصل بعد إعلان الترشيح أم انه سيختار «التعامل الايجابي » معه ؟ الأكيد على كل حال ان موقف النهضة النهائي سيكون محددا في مسار تشكيل حكومة إلياس فخفاخ اذ لو عبرت النهضة عن رفضها له وأكد قلب تونس أيضا عدم القبول بها –وهذا الأرجح- إضافة إلى الرفض المتوقع من الدستوري الحر فهذا لوحده يعني حتما إسقاط حكومة فخفاخ لان هذه الكتل مجتمعة تمثل 109 نواب أي الأغلبية المطلقة لمجلس نواب الشعب ..
فهل يسعى الياس فخفاخ منذ البداية إلى استمالة النهضة وبدرجة اقل قلب تونس أم سيمضي في طريقه في تشكيل حكومته غير عابئ بمواقف الأحزاب الرافضة او المؤيدة له ؟
هذه هي المعضلة الأكبر أمام المكلف الجديد والتي قد تستنزف جزءا هاما من جهده ووقته اذ لا فائدة من تشكيل حكومة يعلم صاحبها مسبقا بأنها ستفشل في امتحان نيل الثقة .
الأيام القادمة ستكون حاسمة وسنعلم هل أننا سنكون في كل الحالات أمام انتخابات برلمانية سابقة لأوانها أو أن أهم الأحزاب ستمنح فرصة لالياس فخفاخ لتجنب هذا المآل؟
أيام جديدة حاسمة في انتظارنا ..