جزء منه وبالتالي تحالف يضم ائتلاف الكرامة أضحى وكأنه مسألة طبيعية لا تثير جدلا خاصا من قبل شركائه المفترضين وخاصة منهم النهضة والتيار وحركة الشعب .
ورغم الاستفزازات العديدة في تصريحات الشخصيات البارزة لائتلاف الكرامة تجاه قيادات هذه الأحزاب المفترض التحالف معها فلا احد منها أعلن عن رفضه للتحالف مع هذه الحركة الناشئة ولا أبدى اعتراضا على أفكار ومواقف «ائتلاف الكرامة»
كيف يمكن أن نعرف جملة الأشخاص الذين يمثلون اليوم «ائتلاف الكرامة» ؟ قد تعسر الإجابة بدقة عن هذا السؤال إذ لا يظهر للعيان منه سوى بعض الشخصيات في مختلف وسائل الإعلام سمتها الأساسية اللغة المباشرة والاستفزازية للخصوم مع الادعاء دوما بان ائتلاف الكرامة بعيد كل البعد عن الايدولوجيا والعنف والإقصاء..
ولكن ائتلاف الكرامة يمثل تيارا يتجاوز بكثير هذا الظاهر في الخطاب .
يمكن أن نقول بأن ائتلاف الكرامة يمثل نوعا من الانشقاق داخل الظاهرة الاسلاموية بعد أن تخلت حركة النهضة عن حمايتها لأذرعها البدنية خلال فترة الترويكا وخاصة رابطات حماية الثورة والمجموعات السلفية المحيطة بها ونشطاء حملات «اكبس» و«إعلام العار» ..
هذه المجموعات العنقودية أحيانا والهلامية في جل الحالات رأت في خيار «التوافق» لقيادة النهضة خيانة لمبادئ «الثورة» كما تتصورها أي ثورة ضد النظام القديم ولكن أيضا ضد ما تسميه بالنخب العلمانية التغريبية أو اليسارية والتي تمثل الحليف الوفي للاستبداد العلماني لنظام بورقيبة وبن علي ..
بهذا المعنى يكون ائتلاف الكرامة التعبيرة الأقوى على هذه الاسلاموية الراديكالية غير المعقدة(islamisme radical décomplexé) تضيف بعض شخصيات «الائتلاف» مسحة من اللغة العنيفة والاستفزازية المنتشرة في كل أحياء ومدن وأرياف تونس او ما يمكن ان نصطلح عليه باللغة «الحومانية» الداعية الى المنازلة والمبارزة باستمرار ،وهذا ما نلاحظه عند بعض الوجوه الإعلامية للائتلاف أما بعضها الآخر ،وهم من نواب البرلمان القادم ،فمعرفون بالتشدد الديني وبدعمهم للأفكار الاسلاموية المتطرفة..
وهنا نفهم أيضا مواقف «الائتلاف» من بعض الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا باعتبارها «الحامية» للنخب التغريبية المتحالفة مع الاستبداد وكذلك عداؤهم مع اتحاد الشغل باعتبار توجهاته اليسارية الواضحة باعتباره أهم فصيل يساري ينبغي الإطاحة به عند جماعة «الائتلاف» .
بعبارة أخرى من يقبل بالتحالف مع «ائتلاف الكرامة» عليه بقبول التبعات السياسية والفكرية لكل المواقف ائتلاف الكرامة الوريث الشرعي لرابطات حماية الثورة ..
التحالف مع «الائتلاف» كما أصبحوا يسمون أنفسهم يعني نصب العداء مع اتحاد الشغل والنخب الحداثية داخليا والدول الغربية وفرنسا خاصة خارجيا، وهو أيضا القبول بالتحالف مع من لا يرى في «الإرهاب» إلا صناعة استخباراتية أجنبية وفي تبعات محاربة الإرهاب تعد على الحريات الفردية ..
الواضح ان القبول بالتحالف مع «ائتلاف الكرامة» سيكون له ثمن سياسي لكل شركائه داخليا وخارجيا وسوف يؤكد أن ما يسمى بخط الثورة إنما هو تعبير اخر عن هيمنة اليمين الاسلاموي على المشهد وان هذه الحجة «خط الثورة» لا معنى لها لان لا احد يتصور، مثلا، تحالف النهضة مع حزب التحرير رغم ادعاء هذا الأخير انه متمترس في خط الثورة..
الحكم في النظم الديمقراطية ليس مسالة عددية اي البحث عن أغلبية رقمية برلمانية دون مضمون فكري أو سياسي ..
الأكيد ان التحالف مع «الائتلاف الكرامة» ليس مسالة تقنية بل هو اختيار سياسي وفكري وتموقع كذلك داخليا وخارجيا فهل فكرت فيه كل الأحزاب المعنية بهذا التحالف الممكن ام تتعامل مع «الائتلاف» كخزان أصوات فقط ليس إلا ؟
نحن امام مسالة جد حساسة ولكنها ظلت إلى اليوم من المسكوت عنه تفاوضيا ولكنها ستفرض نفسها على الأحزاب الحليفة اليوم او غدا وعندها ستكتشف هذه الأحزاب أنها بربحها لبعض الأصوات قد خسرت كثيرا على كل المستويات .