غدا انتخاب رئيس الجمهورية: بداية نهاية الماراطون الانتخابي

غدا يبدأ الماراطون الانتخابي في النهاية بانتخاب رئيس جديد للجمهورية التونسية بعد أن انتخبنا يوم الأحد الفارط مجلسا نيابيا ..

غدا سنكون مبدئيا أمام المشهد السياسي والمؤسساتي الذي سيحكم البلاد خلال الخماسية القادمة .

قلنا بأن المشهد السياسي والمؤسساتي سيتحدّد مبدئيا لا فقط بالنظر إلى الطعون ومآلاتها ولكن بالنظر أساسا إلى تعقيدات المشهد السياسي الجديد وذلك أيا كان رئيس الجمهورية القادم..

الإشكال لا يكمن فقط في التشتت، بل في تذرر، المشهد السياسي العام، الإشكال يكمن في الصعوبات المتراكمة التي تعيشها بلادنا على امتداد عقدين من الزمن على الأقل.. صعوبات لم تتمكن كل حكومات ما بعد الثورة من الحد منها بل فاقمت العديد من أبعادها خاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي ..

غدا ينتخب التونسيون رئيسهم الثاني بصفة حرة ومباشرة في مشهدية قد لا تعجب الكثيرين منهم ولكنها مشهدية تذهل كل أشقائنا العرب الذين يتمنون أن تتاح لهم الفرص التي تتاح لإخوانهم التونسيين للمرة السادسة في انتخابات مختلفة وفي اقل من عشرية ..

صحيح أن أكثر من نصف التونسيين المسجلين لم يتحولوا إلى صناديق الاقتراع في الدور الأول للرئاسية وكان عزوفهم اكبر في التشريعية بما يفيد معنيين اثنين : عزوف عن الشأن العام (Le politique) للأغلبية وعزوف عن الشأن السياسي (La politique) للبقية أي نحن إزاء عزوف مركب ، جله عميق ومرتبط بعجزنا عن إدماج فئات واسعة من المواطنات والمواطنين الذين بقوا على هامش كل الدورات الإدماجية ماديا ومعنويا فأصبح الشأن العام لديهم مسالة لا تفك رموزها ولا تأثير لها على حياتهم اليومية، وجزء غاضب على أداء السياسيين وعلى فاعلية ونجاعة مؤسسات الدولة .

التحدي الأكبر للديمقراطية التونسية الناشئة هو في مدى قدرتها الإدماجية لعزوف العطالة (Abstention d’inertie) وللعزوف الإضافي (Abstention additionnelle) فديمقراطية لا تدمج جل مواطنيها ستعيش صعوبات كبيرة.

بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية وبعد التثبيت النهائي لنتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية سنختبر جميعا طريقة اشتغال مختلف مؤسسات الدولة وبدءا على قدرة البرلمان الجديد على افراز حكومة قادرة على نيل ثقة مجلس نواب الشعب وعلى الحد الأدنى من ثقة القوى الاجتماعية والرأي العام ، وهذه الخطوة الأولى ليست أكيدة كما هو واضح للجميع ، وقد تؤول الأمور، في صورة فشل الحزب الأول في تشكيل حكومة، الى رئيس الجمهورية الجديد لاختيار الشخصية الأقدر على قيادة البلاد.

الجدير بالاهتمام في الأسابيع القادمة هو في معرفة مدى تعاون او تفاعل هذه المؤسسات الرئيسية الثلاثة للسلطة السياسية : رئيس الجمهورية ورئاسة الحكومة ومجلس نواب الشعب .. والواضح أن دور رئيس الدولة القادم لن يكون تقنيا في كل هذا وقد يلعب دورا هاما في التجميع إذا تمّ اللجوء إليه ..

غدا سيختار التونسيون رئيس دولتهم الجديد.. وسيواجهون بعد غد كل إشكاليات حوكمة البلاد..

البداية والنهاية أيضا هي في صندوق الاقتراع .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115