أسابيع فقط من انتخابات الدور الأول للرئاسية وأسبوع واحد قبل إجراء الدور الثاني ..
في هذا الماراطون الانتخابي (3 انتخابات خلال 4 أسابيع ) تكتسي انتخابات الغد أهمية فارقة،إذ نحن في نظام سياسي يُلعب فيه الأساسي داخل قصر باردو أساسا داخل الأحزاب والكتل الفائزة فيه والمُشكلة لأغلبية الحكم. كما أن لكل الكتل والنواب دور أساسي في تمرير القوانين وتعديلها أي حاضرنا ومستقبلنا جميعا يلعب أساسا داخل قبة البرلمان سواء أكان ذلك في الإيجاب أو في السلب .
نحن نعلم أن أجزاء هامة من مواطنينا لا يعتبرون أنفسهم معنيين بالانتخابات وبمن سينتصر فيها ،وهذا لا يعود فقط لخيبة أملهم في سياسيّي ما بعد الثورة إذ لا ينبغي أن ننسى ان نسبة المشاركة في انتخابات المجلس التأسيسي في أكتوبر 2011 قد بلغت %54 من مجموع الناخبين المحتملين أي في أكثر انتخابات شارك فيها التونسيون (أكثر من أربعة ملايين وثلاثمائة ألف ناخب) هنالك حوالي أربعة مليون تونسي لم يتحولوا إلى مراكز الاقتراع وذلك قبل اختبار كل الطبقة السياسية التي مرت على تونس خلال هذه الحكومات والاغلبيات المتعاقبة ..
فمن يبحث عن أسباب العزوف التي شهدناها خاصة في بلديات 2018 حيث لم يقترع ثلثا المسجلين أو في الدور الأول للرئاسية حيث غاب عن الصندوق نصف المسجلين .. من يبحث عن هذا العزوف فقط في أداء السياسيين يكون قد اخطأ لان هنالك عزوفا أصليا لم نتمكن بعد من تلافيه ولكن لابد من الإقرار رغم ذلك بأن حماسة التونسيين للتصويت في تراجع منذ 2011، وهنا تدخل مسؤولية كامل المشهد السياسي والإعلامي الذي لم يحفز كثيرا مواطنينا على الذهاب الى الصندوق.
لا ينبغي إنكار كل هذا او التقليص من أهميته ولكن كل هذا لا يجب ان يبرر العزوف عن الصندوق الذي أثبت مرة أخرى في 15 سبتمبر الفارط قدرته على قلب التوازنات بل وتغييرها رأسا على عقب ..
بإمكاننا ومن حقنا الاحتجاج على سياسات عمومية بعينها او حتى على كلها ولكننا لن نغير شيئا منها في اتجاه ما نراه مفيدا وصالحا الا عبر ورقة الاقتراع والاختيار الحر والواعي لمن نعتبره الأصلح والأجدر لقيادة البلاد ..
غدا سننتخب مجلسا نيابيا لخمس سنوات قادمة ،ولن يحكم بلادنا خلالها إلا من صوتنا لهم هذا الأحد 6 أكتوبر ..
إن إيماننا ببلدنا وبمستقبل أفضل له ولنا يقتضي منا جميعا أن نتوجه إلى صناديق الاقتراع وان نصوت للقائمة الحزبية او الائتلافية او المستقلة التي نختارها،وان نصوت باكبر عدد ممكن حتى يدرك كل المُنتخَبين في البرلمان الجديد حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم جماعيا وفرديا وان الوقت من ذهب وانه ليس من حقنا إهدار المزيد منه وان قيادة البلاد تستدعي وعيا جادا بحقيقة أوضاعها وبطيعة جراحاتها وبسبل إنقاذها وبناء حلم مشترك يتجمع حوله كل بناتها وأبنائها ..
حاضر تونس ومستقبلها سيُلعب غدا في صناديق الاقتراع ولكل صوت دور في هذا البناء المشترك .