وأساسا منها إيقاف أحد المترشحين وما صاحب ذلك من جدل حول تداخل السياسي بالقضائي وحول حياد مؤسسات الدولة من عدمه ..
في كلمته إلى التونسيين والتونسيات ليلة أمس شدد محمد الناصر على أن إيقاف أحد المترشحين (نبيل القروي ) قد أثار انتقادات وتساؤلات في أوساط داخلية وخارجية وانه قد رافق هذه الانتقادات بعض التشكيك في مصداقية المسار الانتخابي ..
لم يرد رئيس الدولة التهوين من هذه الانتقادات ولم يرد كذلك مسايرتها والقول بصدقية الشكوك والمخاوف التي تصاحبها إذ أصر على ضرورة عدم التشكيك في أجهزة الدولة مشيرا بوضوح إلى الأمن والقضاء وأضاف بأن التشكيك في أجهزة الدولة يعني ضربا للمسار الديمقراطي بأسره ..
وبعد ذلك مباشرة يؤكد على ضرورة تكافؤ الفرص بين كل المترشحين دون أن يقول لنا كيف سيكون ذلك خاصة إذا ما استمر إيقاف هذا المترشح بالذات ..
رئيس الجمهورية في وضع لا يحسد عليه فهو لا يستطيع أن ينكر كل التساؤلات والاعتراضات على هذا الإيقاف وما قد ينجر عنه من إضرار بالعملية ككل ولكنه كضامن لوحدة الدولة ورمز لها لا يمكنه أن يقبل أيضا بالتشكيك في القضاء والأمن وان يقول بإمكانية إقحامهما في لعبة سياسية تتجاوزهما فتراه حاول الإشارة إلى منطقة رمادية يمكن لها ان تستوعب الانتقادات من جهة والتأكيد على مصداقية أجهزة الدولة من جهة أخرى ..
وبعد ذلك يستفيض محمد الناصر في ضرورة حيادية أجهزة الدولة كلها وعلى رأسها الإدارة وكذلك المساجد فهل يمكن أن نفهم من ذلك أن هذه الحيادية لم تكن حاضرة كما ينبغي في وضعية الحال ؟ هذا لا يقوله بوضوح رئيس الدولة ولكن يمكن أن يفهم بصفة غير مباشرة من خلال تأكيده على حياد أجهزة الدولة وعلى ضرورة توفير نفس الحظوظ لكل المتنافسين .
ولكن لا يفوت رئيس الدولة الفرصة ليشير إلى بعض الانحرافات السابقة واللاحقة لهذا الإيقاف وهي أن واجب الحياد ليس محمولا فقط على أجهزة الدولة والمساجد بل وأيضا على كل وسائل الإعلام كذلك. وهو يطالب الهيئات المستقلة وعلى رأسها هيئتي الانتخابات والاتصال السمعي البصري كما يحمل كل المنظمات الوطنية والمجتمع المدني وسائر المواطنين مسؤوليتهم في تنقية مناخات الحملة الانتخابية وضمان شفافيتها.
أراد رئيس الدولة أن يقول في هذه الكلمة القصيرة (11 دقيقة ونصف ) أن لهذه الانتخابات القادمة أهمية بالغة وأنها مصيرية في ترسيخ الديمقراطية في بلادنا وان على المسؤولين في الدولة بالأساس أن يكونوا مثاليين في احترام مقومات دولة القانون من حياد كل أجهزة الدولة كضمان لمصداقية الدولة ،وان هذه المصداقية هي شرط استرجاع التونسيين لثقتهم في الدولة وفي مستقبلهم وفي أنفسهم ..
دعوة للرصانة والتعقل يطلقها من هو في موقع ضمان وحدة البلاد وحسن احترام الدستور وهو كذلك غير معني بنتائج هذه الانتخابات .. دعوة تنتظر أن يتلقفها الجميع حتى لا تشوب انتخاباتنا القادمة شائبة تخدش في مسارنا الانتقالي وتحد من نموذجية التجربة التونسية .