الطعن في ما تم إقراره أمام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين.
لذلك لا يمكن الجسم بانتهاء الجدل طالما لم تنته آجال الطعن المحدّدة بٍـ7 أيام من تاريخ مصادقة المجلس وهو أجل ممنوح لمن لهم حق الطعن و هم رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو ثلاثين نائبًا وذلك سواء تعلقّ الأمر بمشروع أحد الفصول أو في جميع مشاريع النصوص المصادق عليها.
و يجب انتظار 10 أيام قابلة للتمديد مرة واحة لمدة أسبوع قبل صدور قرار معلّل يقع اتخاذه بالأغلبية المطلقة لأعضاء الهيئة الوقتية و هو ما يعني أن مدة الإنتظار في صورة الطعن ستكون في حدود 24 يوما . و لكن قبل ذلك و نظرا إلى أن عدد المصوتين بالرفض في حدود ثلاثين نائبا ، فإن توفير عدد 30 نائبا لتقديم عريضة الطعن ،غير مضمون ، خاصة في ظل الإنقسامات وعدم إستقرار النواب على مواقف مستقرّة وحيال ما يتردّد عن الضغوطات والمساومات الّتي تشهدها الساحة النيابية ولو أن ما يقال عن الضغوطات و المساومات وشراء الذمم يحتاج إلى دليل وإثباتات قانونية، فإن عدم إستقرار النواب أمر ثابت بدليل إسقاط مشروع نص يمنع السياحة النيابية و يحكم الشغورات و الإستقالات الّتي تطرأ خلال المدّة النيابية . و قد أسقط المشروع بأغلبية رافضة كبيرة ، هو ما يكفي للتدليل على أن أغلبية لا يستهان بها من النواب تحبذ التنقل و الحركة وفق مشيئتها دون أي اعتبار لإرادة الناخبين .
هذه الأغلبية هي الّتي تمسّكت بإدخال التعديلات رغم الانتقادات الموجهة إليها ورغم ما قيل عن أخلاقية التعامل السياسي وعن التوقيت في تعديل قواعد اللّعبة الإنتخابية ، وما يخفيه من إرادة للإقَصاء و قطع الطريق على من إعتبروا متحايلين على القاعدة الانتخابية ومستعملين لخطّة التسلّل لتسجيل أهداف سهلة دون إحترام قواعد اللّعب النظيف.
والموقف ممّا اختارته هذه الأغلبية في هذا الظرف بالذات ،سيحكم له أو عليه ،عبر صناديق الاقتراع إذا تأيّد قضائيا. و لكن لا أحد يقدّر وقعه و أثره في تغيير المشهد السياسي وفي اقبال الناخبين على صناديق الاقتراع أو عزوفهم عنها.
ولعلّ ما ستفرزه الاستطلاعات القادمة سيعطي صورة عن ردود الفعل ،إذ تأكّد أن سبر نوايا التصويت عنصر فاعل في معرفة التوجهات العامّة للرأي العام - و ليس للقاعدة الانتخابية – وربّما في توجيهه ،و في تحديد مواقف الماسكين بالسلطة وبقية المتنافسين على المقاعد النيابية و على كرسي الرئاسة . والدليل على ذلك أن السعي المحموم إلى تعديل المجلة الإنتخابية
ارتفع نسقه و تقرّر بطريقة حاسمة بعد الاطلاع على نتائج إستطلاعات الرأي . هذه الإستطلاعات الّتي حرّكت سواكن الأحزاب و التشكيلات وأصحاب النوايا للترشح للرئاسية و المقدمين على الإستحقاقات الإنتخابية القادمة،و لكن لم يطلع الرأي العام والمتابعون على وقعها لدى مؤسّسة رئاسة الجمهورية ، الّتي بدت تتابع ما يحصل في المشهد السياسي دون أي رد فعل . هذه المؤسسة الّتي ستبقى تنتظر إحالة المشروع عليها و يكون لرئيس الجمهورية ختمه أو إرجاعه لمجلس النواب إذا رأى موجبا لذلك، وبعد استيفاء كل الإجراءات الضرورية و على ضوء قول الهيئة الوقتية إذا توصلت بطعن ما ، الأمر الّذي سيترك الباب مفتوحا لعدّة احتمالات ستتجلّى أكثر في بداية الأسبوع المقبل.
و لكن أمام كل هذا تبقى الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات في سباق مرير مع الزمن ،و في صراع مع الاجراءات و ما يستلزم ذلك من تنسيق مع السلطات الماسكة بالسجل العدلي بخصوص مقتضيات سوابق المترشحين، ومراجعة لشروط الترشح مع التعقيدات التي سيخلقها مسار التعديلات الّتي باغتتها في مرحلة حسّاسة وصعبة في مجرى الإستعداد لتنظيم الانتخابات و إنجاحها في الآجال المحدّدة لها و طبق الرزنامة المسطّرة لها.