هل قرّر الشباب والشابات «اقتحام» السباق الانتخابي؟

ما علاقة الأجيال التي شهدت الثورة بالسياسة؟ وكيف بنت هذه الأصوات الجديدة رؤيتها للتغيير السياسيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ والثقافيّ؟

وهل ظلّت العلاقة بين السياسيين والشبّان مقتصرة على التوظيف والاستغلال أم ثمّة أنماط أخرى من العلاقات تختلف من حزب إلى آخر ؟ وكيف ينظر السياسيون وأهل الإعلام وغيرهم إلى هذه الفئة؟

أسئلة تحتاج إلى مزيد التعمّق ونحن نعيش على وقع حملات انتخابية «استأسد»فيها البعض وسعى البعض الآخر إلى لفت الانتباه عبر حركات بهلوانية أو تصريحات ‹نارية› أو خطابات تصرّ على مصادرة عقول التونسيين... وبالرغم من ‹سياسات الإدماج والتمكين› والإعلان عن توفير فرص أكبر للمشاركة السياسية الشبابية فإنّه لا وجود لمترشّح شابّ أو شابّة ولا حضور لوجوه شبابيّة تلفت الانتباه بخطابها المميّز أو بشخصياتها الكارزماتية أو ‹تصنع الحدث› من خلال «عروض الفروسية» وغيرها.

لقد اعتبر الشبّان والشابّات، في نظر أغلب التونسيين «فئة» صامتة أو غير مبالية أو سلبيّة تؤثر الانتقاد والتذمّر بدل السعي إلى تغيير الأوضاع وفرض الوجود. ولئن استطاعت بعض المجموعات الشبابية شقّ طريقها في الحملات الانتخابية فإنّها لم تستطع أن تكون فاعلة في اللجان المركزية للأحزاب ولا حاضرة في الصفوف الأمامية إلاّ بمقدار محدود جدّا ومن ثمّة كانت غير مرئية على مستوى القيادة .

غير أنّ المتابع للشأن السياسيّ خلال هذه الأشهر سرعان ما ينتبه إلى وجود ديناميكية جديدة في صفوف الشبّان تتجلّى في ارتفاع نسب المسجلين في الانتخابات وفي عدد المنضوين تحت المبادرات المستقلّة لعلّ أهمّها «مواطنون» وكذلك في بروز حزب أمازيغيّ أسسه الشبّان والشابات. فهل هي ردّة فعل على احتكار الكهول والشيوخ للمجال السياسي ؟ هل هو موقف مندرج ضمن فعل المقاومة لرداءة أداء أغلب السياسيين؟ هل يعتبر التصميم على المشاركة السياسية فعلا مواطنيّا وموقفا وطنيّا بعد تعدّد الأزمات وتعقّد الأوضاع؟ وهل حصل تغيير في الوعي السياسي لهذه الشريحة العمريّة لاسيما بعد الحراك الجزائري والسوداني؟ وهل قرّر الشبّان بعد لأي دخول «المعركة» الانتخابية برؤية تعبّر عنهم وتعكس قناعة لديهم بأنّ لهم

مسؤولية في صناعة المستقبل؟
تقول الشابة ريم بن حسن رئيسة المنظمة الشبابية للحزب البديل التونسي: قرّرت تقديم استقالتي من العمل والتفرّغ للسياسة لأنّني أعتقد أنّني أستطيع أن أغيّر. وليست هذه الشابّة «حالة شاذة» لا يمكن الاعتداد بها بل ثمّة اليوم مجموعات شبابيّة استطاعت بالفعل امتلاك الصوت واتّخاذ زمام المبادرة والفعل في الواقع علّها بذلك تصنع صورة مغايرة لما يُروّج أو يُتمثل عن الشابّ التونسيّ... صورة تنسف سرديات انتجت بخصوص «الشباب الجهاديّ التونسيّ» وتستبدل صورة «الشبان الراغبين في الحرقة» بصورة تعبّر عن الطموح التونسيّ والأمل في غد أفضل.

لا يرغب الشبّان في أن يكونوا أداة في يد الأحزاب السياسية تستعمل في الحملات الانتخابية لإبراز خطّة «تشبيب» الأحزاب ثمّ تهمّش بعد الحصول على المراد. ولا يرغب الشبّان في أن يستهلكوا خطابات سياسية مهترئة لا تعكس همومهم ولا تطلعاتهم. ولا يرغب هؤلاء في أن يستهلكوا خطابات سياسية مهترئة. ولا يريد الشبّان أن تبقى التراتبية الهرمية و«الرصيد النضالي» والتمييز على أساس السنّ من الثوابت التي تحكم المشاركة السياسية. إنّهم يعتبرون هذه المعايير والشروط عوائق أبدية في سبيل حصولهم على مواقع صنع القرار ولذلك فإنّهم يدركون أنّ المقاومة شرسة لأنّها ذات صلة بالموروث السياسي، والتمثلات الاجتماعية ، وكلّ الأدبيات التي شكّلت البنى الذهنية.

بقي أن ننتظر ما تأتي به الأيام من أخبار بشأن هذا الحضور. فهل سيتحوّل الشبّان إلى قوّة يحسب لها حساب في التوازن السياسي داخل الأحزاب؟ هل بإمكان الشبّان أن يفرضوا نمطا جديدا من العلاقات مع الطبقة السياسية والمجتمع ككلّ؟ هل هم جاهزون لخوض هذه المعارك وغيرها؟

ستُبْدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلاً
ويأتيكَ بالأخبارِ من لم تزوِّدِ

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115