عن وظيفة الوعظ والهدي والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ليغدو من دعاة الفتنة مروّجا لخطاب تكفيريّ واضح الدلالة. فقد عنّ للسيّد فتحي الرباعي تخصيص خطبة يوم الجمعة بمدينة صفاقس للحديث حول «شرذمة الانحطاط».
لا نخال هذا «الإمام» جاهلا بخطورة الغيبة فهي بإجماع العلماء من الكبائر، ومن أسباب الشحناء والعداوة وتفريق المجتمع «سواء كان العيب موجودا في الشخص أم غير موجود،» وباعتباره من حفظة القرآن فهو يعلم ما جاء في سورة الحجرات الآية 12 إذ قال الله:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيم ومع ذلك انتصب الإمام حكما عليما بما «تضمر هذه الشرذمة» من مشاعر وأحاسيس... أخذته الحماسة فراح يدافع عن الوزير ولو دافع عن الإسلام لتفهمّنا موقفه... أخذته الحميّة فانبرى مدافعا عن الجامعة الزيتونية وقدماء خريجي الزيتونة من الوزراء والولاة والعُمد وبناة الدولة الحديثة في الحكومات المتعاقبة مفنّدا بذلك مقولة «التصحّر الدينيّ وتجفيف المنابع» .... أعجبه الركح فاتكأ على العصا لأنّها من مستلزمات «المسرحة» واندفع يؤلّب الجماهير ويجيّشها ضدّ من اعتبرهم «ممن يعادون الإسلام والهوية» و«ممن يعادون القرآن ويشكّكون ويسخرون ويهزؤون من القرآن» وهؤلاء «الأدعياء يتهمون القرآن بأنّه منشئ للإرهاب» «إنّهم» يكرهون الدين «إنّهم المتغربون والمتفرنسون وأعداء الله والذين يضمرون العداء للإسلام ويكرهون الإسلام» وهذا «الحقد والظلم الأيديولوجي هو الذي أفرز الإرهاب».
وبالتبصّر في طريقة صياغة هذا الخطاب نتبيّن أنّه قائم على ثنائية ضديّة نحن/هم. ففي مقابل الزيتونيين / الجامعيين، المؤمنين/الكافرين... وهكذا تتم صناعة العدوّ. فالآخر يجرّد من كلّ فضائله ويغدو جاهلا بل رمز كلّ الشرور يُلحق الأذى بالجموع «فهم ينشرون الرذيلة من رقص وميوعة وانحلال وتفسّخ». ولا يخفى أنّ بنية الخطاب قائمة على التأكيد /النفي، الشيء /ضدّه . فهؤلاء «الأدعياء ممن يعادون الإسلام وينتسبون للإسلام نطلب لهم الهداية يشكّكون في القرآن ويسخرون من القرآن...» وهو أسلوب المراوغة بامتياز: «موسى الحاج موش الحاج موسى».
ونظرا إلى خوف الإمام من التبعات القانونية للتكفير فإنّه يحاول جاهدا تجنّب التلفّظ بكلمة كافر أو مرتدّ ويستبدلها بــ «كارهي الدين أعداء الدين» ولكن سرعان ما يقوده انفعاله إلى التصريح بموقفه فنحن «نحاربهم». وهكذا يكون الخطاب منضويا ضمن خطابات تحثّ على العنف المادي والكراهية بامتياز والتي أدانتها المنظمات الحقوقية وفصلت فيها القول الهيئات المختصة بتطوير أجهزة الإعلام التي يستغيث بها الإمام.
وإن زعم الخطيب أنّ خطابه «موضوعي ورصين»، أي معتدل فنتساءل عن....