غير المفاجئ أن تلتحق بهما أطياف أخرى من المهن الحرّة..
لا شك أنه لكل قطاع خصوصياته ومطالبه أيضا ولكن يبدو أن أصحاب المهن الحرّة (المهن غير التجارية حسب التعريف القانوني) قد اتفقوا كلهم – أو جلّهم – على معارضة الفصل 22 من قانون المالية لسنة 2016 معتبرين إياه مخلاّ بأخلاقيات المهنة (بالنسبة للأطباء) وتضييقا جبائيا إضافيا بالنسبة للمحامين..
قبل الدخول في تفاصيل هذه المعارضة والنظر في وجاهتها من عدمها لا بد أن نذكر بالمعطيات التالية..
• جلّ أصحاب المهن الحرة ليسوا من أثرياء البلد بل هم ممّا يسمى بالطبقات الوسطى العليا (classe moyenne supérieure) وتوصيفهم بالعليا لا يعود بالأساس إلى أهمية مواردهم المالية بل إلى طبيعة نشاطهم المهني القائم على شهائد عليا وعلى تخصصات فكرية بالغة التعقيد أحيانا...
• الأطباء والمحامون والمهندسون والخبراء المحاسبون وعدول الإشهاد وغيرهم من أصحاب المهن غير التجارية هم كسائر التونسيين... بل كسائر البشر ليسوا أشرارا وليسوا طيبين بالسليقة وفيهم – كما في سائر فئات مجتمعنا-
من يقوم بواجبه الضريبي على أتمّ الوجوه وفيهم – كما في سائر مجتمعنا – من يسعى للتخفيف من الأعباء الجبائية بطرق قانونية وفيهم أيضا – كما في سائر فئات مجتمعنا- من يسعى لإخفاء أجزاء متفاوتة من مداخيله عن أعوان الجباية..
فليس في نيتنا هنا البتّة شيطنة مهنة ما أو اللعب على أوتار الشعبوية بأن من امتلك جزءا ولو بسيطا من المال هو مستكرش على حساب الشعب.. فالنجاح الاجتماعي مطلوب وينبغي أن يكون محمودا كذلك لأن الناجحين مهنيا وماديا هم القادرون على خلق الثروات وعلى المساهمة الفعالة في الرخاء العام..
ولكن ما نطلبه أيضا من كل أصحاب المهن الحرّة بألا يعتبروا كلّ نقد أو رأي هو من قبيل الشيطنة والتخوين... بل نحن نريد أن ننظر إلى كل مشاكل مجتمعنا دون تقسيم لكل فئاته المهنية والاجتماعية ولكن دون تورية المشاكل بحجة عدم إغضاب أحد...
ما هي أبرز انتقادات هياكل المهن الحرّة لقانون المالية وخاصة فصله 22؟
أمران أساسيان أثارا غضب هذه الهياكل: الأداء على القيمة المضافة وإصدار «مذكرات أتعاب بعنوان الخدمات التي ينجزونها» وكل ما يحفّ بهما من إجراءات....