التونسي بأنّه»مجتمع إسلامي ومحافظ «. والجدير بالذكر أن دعاة هذا التصوّر يؤكدون على أنّهم يتشبّثون بثوابت الإسلام ويتمسكون بالقيم الأصيلة كما أنّهم يتوهمون أنّهم وحدهم ممثلو الإسلام» الصحيح» ولكن ما أن يجدّ أمر حتى تختبر صدقية هذا الخطاب فتسقط الأقنعة وتظهر علامات الرياء الديني والانفصام في الشخصية.
ومادام التفاعل الفوري على مواقع التواصل الاجتماعي صار عادة مركوزة في حياة أغلب التونسيين فإنّه لا مفرّ للدارسين من اعتبار التفاعل في هذا الفضاء معيارا للحكم على عدد من الظواهر والممارسات الدخيلة على مجتمعنا التونسي. فما إن تمّ الإعلان عن وفاة الشاعر محمد الصغير أولاد أحمد حتى انطلق الفايسبوكيون في التعبير عن مشاعرهم المختلفة مسترجعين في الآن نفسه ذكرياتهم وذلك من خلال نشر بعض الصور والفيديوهات والمقتطفات الشعرية وغيرها. وفي مقابل الاحتفاء بشاعر تونس والاعتراف بنضاله وإبداعه فوجئنا بتعليقات تعبث بالمعايير الأخلاقية والاجتماعية والإنسانية لا غاية لها سوى تشويه صورة الشاعر بل أكثر من ذلك إنّ الخطاب المعبّر عن مشاعر الشماتة والكره لمن فارق الحياة يقوّض مبدأ العيش معا ويفضح الوجه القبيح في المعاملات بين التونسيين ...يكفي أن نورد تعاليق بعضهم على بيان نعي حزب النهضة للشاعر وقد جاء فيه: «انتم قوموا بواجب العزاء الذي يمليه عليكم الواجب السياسي ونحن نقوم بواجب لعنه حيا وميتا هذا الخنزير السكير الذي كان يعبد الكفر ويشرب الخمر الله لا يرحمو من عندي» وأردف آخر قائلا : «كنا نكرهه في الله» وانتصب آخر فقيها وحكما فقال: «هذا الشّاعر مرتدّ كافر لا يشكّ في كفره، أقواله الكفريّة أكثر من أن تُحصى....
كافر مات على كفره و لم نعلم له توبة ممّا قال، بل بقى مصرّا على زندقته إلى آخر أيّامه، وقد أمرنا أن نحكم بالظّاهر، فهو كافر مرتدّ نعتقد خلوده في النّار كسائر الكفرة من يهود.....