تقول الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ومنذ البداية بأنها مستعدة لهذا الموعد المفصلي وأنّها تعد له بشريا ولوجستيا منذ أشهر عديدة وأن كل صعوبات الطريق ،ومن بينها استقالة رئيسها وعضوين من مكتب هيئتها ،لن تكون عائقا أمام انجاز الانتخابات في ميقاتها المعلوم.
وتؤكد الحكومة من جهتها بأنها ساعية لتوفير كل البنية التشريعية والإجرائية والمادية حتى لا يتأخر موعد 17 ديسمبر ..وآخر هذه الاستعدادات هي جلسة العمل التي جمعت وزير البيئة والشؤون المحلية رياض الموخر مع رئيس الهيئة بالنيابة أنور بن حسن وقد تعهد الوزير بإصدار كل المناشير الضرورية للعملية الانتخابية ومن بينها منشور يضبط عدد أعضاء المجالس البلدية وذلك قبل فتح باب الترشحات..
في المقابل تقول كل الأحزاب السياسية تقريبا – باستثناء النداء والنهضة – بأن البلاد غير جاهزة لهذا الموعد الهام سياسيا وقانونيا وإجرائيا ..فحياد الإدارة غير مضمون بل هنالك من يقوم بحملة تكاد لا تخفى لأحد حزبي التحالف الحاكم وهو في موقع القرار الإداري المحلي أو الجهوي..كما أنه لا معنى لانتخابات بلدية قبل صدور مجلة الجماعات المحلية والتي لم يبدأ بعد مجلس النواب في دراستها ومناقشة فصولها التي تتجاوز الثلاثمائة وستين فصلا ،كما أن المراقبة القضائية عبر المحاكم الإدارية الجهوية غير متأكدة ..علاوة على مسالة التمويل ومراقبة المال السياسي المشبوه في 350 دائرة ..
في الملخص تعتبر جل الأحزاب بما فيها بعض المشاركين في الحكومة بأن البلاد غير جاهزة بالمرة وأنه يخشى أن ندخل إلى انتخابات مصيرية بضمانات أقل بكثير من تلك التي توفرت سنتي 2011 و2014..وبالتالي يكون الموقف السياسي السليم الوحيد هو إرجاء موعد الانتخابات البلدية إلى مارس 2018..
تقول بعض قيادات هذه الأحزاب قد تلقت إشارات من السلط المعنية تفيد باحتمال هذا التأجيل ..ولكن النشاط اليومي لهيئة الانتخابات وانتهاءها من مرحلة التسجيل وتعهدات الحكومة تجاهها تفيد كلّها بأننا ذاهبون إلى موعد 17 ديسمبر بخطى حثيثة ..
ثم أنه لا شيء صدر من رئاسة الجمهورية تلميحا أو تصريحا يوحي باحتمال إرجاء موعد الانتخابات وكل المعطيات تشير إلى أن دعوة الناخبين التي يطلقها رئيس الدولة بمقتضى الدستور والقانون سوف تتم في آجالها الأصلية أي قبل 3 أشهر من يوم الاقتراع..
الخشية كل الخشية هو أن يتواصل المسار الانتخابي كما هو وأن تجد عدة أحزاب سياسية نفسها في موضع حرج لأنها أنفقت جزءا من وقتها وجهدها للمطالبة بإرجاء الانتخابات دون استغلال كل لحظة وفرصة لحسن الاستعداد لها..
ثم ، ليتحمل كل طرف مسؤوليته كاملة : الدولة بتوفير الإطار الإجرائي والإداري واللوجستي الضروري ومجلس نواب الشعب بالإسراع في المصادقة على مجلة الجماعات المحلية في الإبان ووسائل الإعلام بتأطير النقاش الوطني حول الفلسفة الجديدة للبلديات في بلادنا والمجتمع المدني ذي العلاقة بحسن الاستعداد لمراقبة نزاهة الانتخابات في كل الدوائر البلدية
والهيئة العليا المستقلة بانجاز ما وعدت به وضمان شفافية ونزاهة العملية بأكملها والأحزاب بحسن استعدادها وبتفاعلها مع الطاقات الحية محليا وجهويا وبتغيير المعادلات السياسية إن هي تمكنت من ذلك بتحسين شروط الانجاز الديمقراطي لان لها فيه دورا لا يستهان به.
لنعمل جميعا وفق فلسفة مقولة الإمام علي بن أبي طالب :
«اعمل للانتخابات البلدية كأنها غدا»