هذا الحوار يختلف عن عرض الحكومة لبرنامج عملها لنيل ثقة المجلس الّتي تمت في مستهل تكليف الشاهد برئاسة الحكومة، كما يختلف عما خوله الدستور والنظام الدّاخلي للمجلس بخصوص تقديم أسئلة كتابية أو شفاهية ، و إنّما يندرج هذا الحوار في إطار تكريس مسؤولية الحكومة أمام مجلس نواب الشعب . وبالتالي لن نكون اليوم إزاء إلقاء بيان أو خطاب أو مساءلة، وإنّما إزاء جلسة حوار نواب الشعب مباشرة مع الحكومة .
إذن ستكون جلسة الحوار هذه ضمن ما لمجلس نواب الشعب من صلاحيات في مراقبة العمل الحكومي ، حول التوجهات العامة والسياسات القطاعية ، الّتي يمكن أن تكون مرّة كل شهر و كلّما دعت الحاجة إلى ذلك طبق مقتضيات النظام الدّاخلي لمجلس نواب الشعب. وتنطلق جلسة الحوار هذه بعرض يقدّمه عضو الحكومة وسيكون هذه المرّة رئيسها ثم يتولّى الإجابة عن أسئلة الأعضاء تباعا.
لا شك أن الحاجة الّتي دعت لهذا الحوار هي بالأساس مسألة مكافحة الفساد و إستراتيجية الحكومة وآفاق مواصلتها مع تناول الوضع العام في البلاد، بحيث سيكون الشاهد أمام استفسارات على غاية كبيرة من الأهمية، وقد يضطر لأخذ مهلة للرد على بعضها، خاصّة إذا تعلّقت بملفات محدّدة كالّتي أعلنت عنها النائبة ليلى الشتاوي في تصريح لها للصباح نيوز بخصوص شركة الطيران «سيفاكس أيرلاينز» وما سببته من خسائر وما حام حول سحب رخصتها .
في هذا الإطار ستكون أسئلة النواب بمثابة أسئلة تقييم لعمل الحكومة ولمدى تنفيذها لوثيقة قرطاج، وتقدير المجهود الّذي بُذل في ملف مكافحة الفساد ، الّذي سيطالب البعض بتوضيح استراتيجيته، وسينتقد البعض الآخر بطء تقدّمه . كما ينتظر أن يتناول بعض النواب تفاصيل الإجراءات الّتي تم ّ إتباعها في هذا الملف ويعبّر البعض الآخر عن مخاوفهم من «الإسترخاء» أو من الفشل و تبعاته.
وبما أن نواب المجلس يعيشون غمار الجدل حول المشاريع الجديدة المتعلّقة بالهيئات المستقلة و حماية الأمنيين أو المصالحة الإقتصادية أو البلديات والجماعات المحلية، وغلاء الأسعار والصعوبات المالية تدحرج سعر الدينار فإن الجلسة، ستكون شاملة لمختلف المشاغل بما في ذلك المشاغل السياسية حول تحوير الحكومة، الأمر الّذي سيجعل الشاهد وفريقه ، مطالبين بإستحضار كل طاقاتهم لإقناع النواب ومن خلالهم الرأي العام المسيّس والمتابع للشأن العام.
كما سيقف الشاهد على حقيقة مواقف مختلف الكتل إزاء سياسته عموما و إزاء شخصه ، بعد أن تواترت الأحاديث والتعاليق حول مدى دعم الأحزاب و الكتل لحكومته في ظرف الإستعداد للإنتخابات البلدية، وفي خضم فتح صفحة في ملف مكافحة الفساد ، الّذي يمكن أن يؤدّي مزيد الإطلاع على أوراقه، والتحري والتعمّق فيه، إلى كشف بؤره في أكثر من موقع، وعلى أكثر من صعيد.
إن آلية رقابة الحكومة عبر الحوار مع نواب الشعب ، التي سنتابع بعض تجلياتها اليوم ، وُضعت في الحقيقة لمراقبة التزامات الحكومة بتنفيذ تعهداتها المضمنة بالبرنامج الّذي نالت بموجبه ثقة نواب الشعب أي ثقة الشعب عبر نوابه. ولكن يبقى كل هذا على المستوى النظري ، لأن إهتمامات البرلمانيين و تطلعاتهم و هواجسهم، قد لا تعكس ما ينتظر منهم في مجابهة صعوبات البلاد وخدمة مصالح الشعب، لأن لهم في «السياسة» وخلفياتها شؤون ،في نظام ديمقراطي ناشئ ومتعثّر ... ولنا و لكم بعد الحدث حديث....