و الجدير بالتذكير أنه تمّ ختم القانون الأساسي المنقح لقانون المجلس الأعلى للقضاء من طرف رئيس الجمهورية يوم 18 أفريل الجاري ، بعد أن تمّ الطعن فيه امام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين ولم يتسن البت فيه لعدم توفّر النصاب داخل هذه الهيئة.
لا شك أن هذه المحطّة ستكون فارقة في المسار القضائي ،و يأمل المعنيون بمسار هذه السلطة المتعثّرة ، ألاّ يندموا على ضياع العديد من الفرص الّتي كان بالإمكان أن تمنح القضاء وجها أفضل، و أن تتولّد إرادة جديدة للإصلاح الجاد .
إن إنعقاد هذا المجلس يعيد التساؤل عن الآفاق الّتي تمّ سدها طيلة المدّة الماضية وأظهرت أن بالمجلس فرقاء يعسر تجميعهم،و أن الحل إستعصى على القضاة و غيرهم من الحقوقيين كي يهتدوا إلى الحل غير التشريعي كي يلتئم هذا المجلس قبل هذا التّاريخ.
ولكن المتابع للشأن القضائي لا يفوته أن عامل الزمن كان فاعلا في تغيير العديد من ملامح هذا الهيكل بإعتبار أن بلوغ سن التقاعد كان ورقة هامّة و فاعلة في تلك الملامح لإستبعاده بعض الشخصيات الّتي كان يبوّبها مسارها المهني بأن تكون فاعلة، غير أن السن داهمها و أخرجها من السباق وهو ما غيّر بعض المعدلات المحسوبة بترو و إتقان. إذن يمكن القول بأن إنعقاد المجلس أمس وضع حدّا للتعطيلات الّتي تراكمت وحالت دون إستكمال إنشاء مؤسّستين هامّتين ألا وهي المجلس الأعلى للقضاء و المحكمة الدستورية ، كما حالت دون الإنصراف إلى إصلاح أوضاع القضاء و تركيز أهم محكمة يوكل لها مراقبة دستورية القوانين.
ولكن إنتخاب الرئيس الوقتي للمجلس الأعلى للقضاء و نائبته ستلحقه إجراءات أخرى تتعلّق بفتح باب الترشحات لسد الشغور لإنتخاب 6 أعضاء في سلكي القضاء العدلي والمالي .لذلك لن ينقطع الحديث عن هذا المجلس طالما لم يقع إستكمال كل آلياته و يرجو الجميع أن يكون ذلك في أقرب الأوقات للدخول في مرحلة مستحدثة في مؤسّسات القضاء.
إن المرحلة المقبلة بعد إستكمال الهياكل المنتظرة لا تخلو من مخاوف ،لأن التردّي الّذي وصلت إليه الأوضاع القضائية ، يصعب تجاوزه رغم صمود كفاءات قضائية و عدم سقوطها في الرّداءة.فالسنوات الست الماضية ، كانت موجعة على كل الأصعدة،وشكل تصدّع العائلة القضائية الكبرى عقبة كبرى دون تركيز سلطة قضائية متطوّرة تكون من دعائم دولة القانون و المؤسّسات القادرة على مجابهة مظاهر الفساد المتفاقمة في مختلف المستويات . و ينتظر وزارة العدل رغم تقلّص دورها ومختلف الأطراف الفاعلة في القضاء تحديات كبرى لترميم التصدّع وتغيير صورة القضاء تحسين أدائه.