تبّا لهذا الإنسان ما أكفره؟؟؟؟ تبّا لغروره الذي أعماه عن المخاطر، نحن شعب يعيش أسوأ لحظات تاريخه، لأنّه اختار أسلم الطرق وأقربها للمنافع الشخصية.. وكثيرا ما قلنا منذ أربع سنوات «إنّ البلاد ذاهبة نحو الهاوية».. وكم نبّه السياسيون الأفذاذ إلى «وجوب الوقوف لتونس» حتى أنّها عبارة تحوّلت بقدرة قادر إلى نادرة يتفكّه بها في مواقع التواصل الاجتماعي فإذا بها أضاعت معانيها النبيلة.. الجميع يصرخ والجميع يشكّ في صدق صراخه في نفس الوقت، وذلك لسبب بسيط: لأنّه يشاهد ما تبقّى من خير ينهش من الجياع ومرضى الفاقة الكبرى..
قالوا لنا: عليكم تحمّل النتائج السلبية لاقتصاد متدهور، فقبلنا لأنّنا لا نملك حولا ولا قوّة.. وصار متوسّط الحال فينا يلهث في أعقاب كلّ شهر عسى أن يضمن معاشه « المحترم».. وفي أثناء ذلك يتلهّى من قام وليّا علينا بالهامشيّ ، ويسعى لاهثا لإرساء تحالفات تضمن بقاءه لسنين في الحكم..
قيل لنا منذ سنتين : اختاروا من يقودكم. واختاروا طبيعة حاكمكم.. فصدّقنا، واخترنا ، وأزحنا، بل توهّمنا أنّنا أقصينا مواطن العلل التي تؤذي مجتمعنا.. فإذا بنا من الواهمين.. وإذا من توهّمنا أنّنا أقصيناه متربّع .. حاكم.. بل هو الآمر الناهي، يتكلّم باسمنا في محافل رسمية ويولي ويعزل.. وإذا بالأمور كما هي لم تتغيّر.. وإذا بكلّ ناقد مستنكر مهمّش.. وإذا بمحاولات وأد كلّ صوت حرّ تتزايد.. وفي أثناء ذلك.. وطني يتلاشى.. وملامح مجتمعي تندثر.. وإذا بنا منبتّين في أرضنا، ومعلّقين بين السماء والأرض..
قالوا لنا: وجدنا الحلّ في حكومة «توافق» فإذا بالعلاقات قائمة على «التنافق».. وإذا بها و بعد أشهر من قيامها تتناثر حبّاتها مثل تناثر حبّات جارية بشّار..
واليوم يسعون إلى تركيب حبّات جديدة أتت بها الأقدار والتحالفات.. ولسنا متأكّدين إلاّ من أمر واحد : هو انّ الهوّة اتسعت بيننا وبينهم.. وأنّنا أفرِغنا من النخاع ولم تعد لنا قدرة لا على الوقوف لتونس ولا حتى لأنفسنا ،، فهل هذا هو الجحيم الذي نبّهنا الله تعالى إليه في سورة حذّرت من التلهّي عن مشاغل الدنيا الأصلية؟
كلمة أسهم بها .. وإن كنتُ على يقين بأنّ لا أذن تسمع ولا عين ترى.. وكلّ فول لاهي في نوّارو.. وأخشى ما أخشاه الوبال القادم وشيكا، وعندئذ سنضرب جميعنا « ضربا يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عن خليله»