أصدر يوم أمس المعهد الوطني للإحصاء نشريتين ينتظرهما الجميع بفارغ الصبر : النموّ الاقتصادي للثلاثي الرابع لسنة 2016 ومؤشرات التشغيل والبطالة لنفس الفترة .. والنتيجة أسوأ بكثير من المتوقع إذ لم ينم الناتج المحلي الإجمالي (PIB) على امتداد كامل سنة 2016 إلا بـ %1 فقط مقابل توقعات منذ أسابيع قليلة بـ%1.3..
وللتذكير فان قانون المالية للسنة الفارطة قد بني على فرضية نمو بـ %2.5 ثم تمت مراجعتها في مناسبات عدة إلى أن استقرت في النهاية على انجاز %40فقط من الفرضية الأولية..
وفي الحقيقة لقد توقع البنك المركزي في نشريته الأخيرة هذا الاحتمال إذ نجده يقول بان الحسابات العمومية التي أصدرت أياما قليلة بعد تقرير البنك المركزي قد ترفّع في نسبة النموّ لسنة 2015 وقد تخفض بعملية شبه آلية في نسبة النمو لسنة 2016.
وهذا الذي حصل فعلا.. فبعد تقدير أوّلي لنسبة النمو للسنة 2015 بـ %0.8 تمّت مراجعتها في مناسبة أولى ورفعت إلى %1 ثم تمّ تحيينها ثانية وترفيعها مرّة أخرى إلى مستوى%1.1..وهكذا تكون سنة 2016 أسوأ سنة بعد الثورة باستثناء سنة 2011 ومن أسوإ النتائج على الإطلاق لتونس المستقلة التي سجلت كمعدل نمو من أول الستينات ..إلى سنة الثورة %5..
العنصر الايجابي الوحيد في السنة الفارطة هو أن الناتج الإجمالي غير الفلاحي قد تطور بـ %2 فيما لم يسجل هذا الناتج سنة 2015 أيّ تطور يذكر (%0).
ولكن تراجع الفلاحة والصيد البحري بأكثر من %8 لسنة 2016 لا يفسر لوحده هذه النتيجة الهزيلة إذ باستثناء الخدمات المسوقة (نقل..سياحة..مقاهي..) كانت نتائج كل قطاعات الإنتاج ضعيفة جدّا %0.9) فقط للصناعات المعملية) أو سلبية (%-1.9 للصناعات غير المعملية).
اليوم لم يعد النموّ الهش مسألة عرضية في اقتصادنا بل مسألة هيكلية والواضح أن الخروج من هذه الدوامة ليس بالسهولة التي يتوقعها بعضهم والدليل على ذلك أن تقرير البنك المركزي الأخير الذي اشرنا إليه سابقا يقول بان النموّ الممكنPotentiel de croissance للاقتصاد التونسي لن يتجاوز %2.5 في أفق سنة 2018.. وهذا ما يضع نقطة استفهام أمام كل المخططات التنموية وأمام قدرة الاقتصاد التونسي على التعافي السريع..
من النتائج المباشرة لهذا النمو الهش هو استقرار معدل البطالة في مستوى مرتفع (%15.5) وبأكثر من ستمائة وثلاثين ألفا من العاطلين عن العمل. أما نسبة العاطلين عن العمل عند حاملي الشهادات العليا فقد ارتفعت بنصف نقطة لتستقر مع نهاية السنة الفارطة في حدود %30.9مع الإشارة إلى أن الفتيات هن الأكثر تضررا إذ ارتفعت نسبة البطالة عندهن بنقطة كاملة لتشارف على %40 (%39.7)
سنة 2016، من الناحية الاقتصادية والاجتماعية كانت كسابقتها .. سنة للنسيان..