و لكن أحكام الغرفة الأولى و توقعاتها جعلت بعض المشاريع تبقى منسية يلفّها الصمت ،أو بالأحرى متروكة في انتظار نضج ظروف الخوض فيها ، ،وبعضها الآخر محل تأجيل متكرّر بسبب البحث عن حل»التوافق» مثل تنقيح القانون الانتخابي والإشكال المطروح بخصوص مشاركة القوات الحاملة للسلاح في الانتخابات والاستفتاء.
هذا الإشكال تمّ تضخيمه و بدا في المدّة الأخيرة تعلّة لتأجيل الإنتخابات البلدية و الجهوية ، الّتي تشترك كل الأطراف السياسية في التخوّف منها بسبب عدم الاستعداد لخوض غمارها في الظروف الحالية.
و لو أنه سبق أن تناولنا هذا الموضوع ،(المغرب 25 سبتمبر 2016) واعتبرنا الجيش والأمن الجمهورييْن قوّتين مُلزمتين بالحياد التّام في مفهومه الشامل و المطلق.. استنادا لأحكام الدستور ، وباعتبارها قوات حامية للجميع دون أي تمييز لهذا الحزب على ذاك و حامية لكل الوطن دون تمييز لهذه الرقعة من البلاد عن تلك. و بالتّالي يشكّل إقحام هذه القوات في نطاق التنافس السياسي خطرا على مبدإ الحياد، وخاصّة في الدول المتخلّفة و مازالت تخطو خطواتها الأولى في مجال الممارسة الديمقراطية ، و هو موقف تميل إليه القوات العسكرية.
و لكن يبدو أن هذا الموقف لم يحظ بتأييد نواب الشعب والأطراف السياسية الّتي هي وراءها ،بل برز توجّه حكومي عام بخصوص منح حق التصويت في الانتخابات البلدية والجهوية مع وضع شروط لذلك . و لكن رغم ذلك تمّ تأجيل الحسم في الموضوع إلى الأسبوع المقبل ، برغبة من نداء تونس بدعوى عدم جاهزيته للتصويت بسبب عدم دراسته، وبدفع من حركة النهضة خاصّة ، الّتي رغم تصريح بعض قيادييها بأنها كانت جاهزة للتصويت على القانون الانتخابي ، فإن جدول أعمال الدورة الثامنة لمجلس شورى هذه الحركة الّتي انطلقت يوم 27 جانفي 2017 وتتواصل إلى غاية اليوم الأحد 29 جانفي 2017 تضمّن في نقاطه التداول حول القانون المنظم للانتخابات البلدية والجهوية 2017 بصفة خاصّة ، و هو ما يفنّد القول بأن الحركة جاهزة للتصويت.
و يستبعد أن يكون وراء هذه الرغبة في التأجيل الرّجوع عمّا تمّ التوافق بشأنه بصورة عامّة ، بل إن المرجّح أن يكون وراء ذلك مزيد «استشراف» تداعيات هذا التشريع ، و مزيد حبك بعض التفاصيل من النداء و النهضة
فالتأجيل إذن ليس لإعادة النظر في المبدإ ،بل لربح مزيد من الوقت ، و هو ما سيزيد في تعطيل مسار الاستحقاقين الإنتخابيين المنتظرين، وهو تأجيل قد يروق لكل الأحزاب السياسية غير الجاهزة للانتخابات وكذلك للأحزاب أو الائتلافات الّتي هي بصدد التشكّل المراهنة هي الأخرى على «دخلة» تدخل بها المعترك السياسي لسبر حظوظها في الخارطة السياسية. والغالب على الظن أن هذا التأجيل لن يكون الحاسم في مسار التعطيلات المتصّلة بالانتخابات البلدية والجهوية ،ومن المنتظر أن تبرز «تعلاّت اخرى» للتعطيل، لأن المشهد السياسي الحالي لا يعطي الانطباع بجاهزية كل الأحزاب السياسية لخوض أي انتخابات ، بل أن الناخبين أنفسهم غير متحمسين للمشاركة في رهانات جديدة ، بعد أن خابت انتظارات جزء كبير منهم من التجارب السابقة على الأقل على مستوى عيشهم اليومي.