هذا المؤتمر ينعقد في فترة حسّاسة مرّت و ما زالت تمّر بها البلاد ، وبعد أن حقّقت القيادة المتخلية حصيلة مُرضية لقواعدها بخصوص مطالبها النقابية،وبتقدير متيمّز لدورها في الشأن السياسي العام الّذي تمّ تثبيته كدور تقليدي لهذه المنظمة في الحياة العامّة قبل الإستقلال و بعده .
و لكن تعدّى هذا الدور ، الدور المتعارف عليه في أغلب الفترات الّتي سبقت جانفي 2011 كقوّة ضاغطة على السلطة، إذ دخل الإتحاد تجربة صعبة لم يكن من السهل توقّع نتائجها ، بل كانت محلّ تخوّف و شك من عواقبها . و تمثّلت هذه التجربة في الدور الرائد الّذي لعبه الإتحاد العام التونسي للشغل في « الرباعي الراعي للحوار» الّذي كان له الفضل في تحقيق الإنتقال السلمي والسلس من السلطة المؤقتة إلى سلطة الجمهورية الثانية .
هذه التجربة لم تحز فقط تقدير التونسيين لدورها في تجنيب الدوّلة المصير المجهول ، بل حازت أيضا التقدير الدولي بتتويج المنظمة الشغيلة بمعية إتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ،و الهيئة الوطنية للمحامين و الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بجائزة نوبل للسلام .
هذه الجائزة جاءت اعترافا للدولة التونسية بقدرتها على تجنّب حمّامات الدم و العنف ،و إنجاز تحوّل سلمي للسلطة ، وقد كان للإتحاد العام التونسي للشغل دور فعال فيه ، توصّل من خلاله إلى وضع اليد في اليد مع إتحاد الأعراف ، و هو أمر كان يصعب تصوّره في السّابق بمقولة «تضارب المصالح» بين المنظمتين في الدّفاع عن منظوريهما . و تمّ تغليب المصلحة الوطنية ،و كسبت قيادة الإتحاد مع بقية منظمات الرباعي للحوار ، الرهان وحقّقت الإنجاز الّذي سُجل في تاريخ رصيدها وطنيا ودوليا.
من الفاعلين في هذا الإنجاز نجد في مقدّمتهم الّذين إقترحت الهيئة الإدارية رئاسة المؤتمر 23 الّذي سينتخب قيادة جديدة ، وفي ذلك إعتراف لهم بما أنجزوه، و حافز للقيادات القادمة على النسج على منوالهم .
و من المرجّح أن تكون القيادة الجديدة جامعة بين الإستمرارية والتجديد ، و هو تمش دأب عليه الإتحاد ، الّذي يحذق رواده «مناورات التوافق» ، و «معادلات الموازنة» ، رغم .....