ما الذي فعلتموه بالفتيان والشباب؟

اطلــع أغلــب السياسيين الراغبين في توشية خطابهم بالحجج والبراهين على مختلف تجارب الانتقال الديمقراطي فأشادوا بتجربة جنوب إفريقيا وأفاضوا في الحديث عن تجارب مماثلة ولكنهم قصروا كل جهدهم في البحث عن النماذج على المجال السياسي الخاص بالراشدين. فلم يرغبوا

في استقصاء مختلف التجارب الخاصة بتوعية الفتيان بالحقوق السياسية وتشريك الشباب في العملية السياسية فكانت النتيجة عزوف معظم الشبان عن المشاركة السياسية وكره أغلبهم للأنشطة السياسية أو شعور بالإحباط لمن خاضوا تجربة الانتماء الحزبي.
ولم يتوقف الأمر عند هذا التهميش إذ اعتبرت فئة الشباب رقما في المعادلة السياسية فهذا يدافع عن خيارات سياسية باسم الشباب وذاك يطيح ببرنامج الحكومة بدعوى الدفاع عن الشبان المهمشين... وذاك يتهم خصمه بأنه وراء تسفير الشباب إلى مناطق النزاع وذاك يعتبر أن إطلاق سراح «المزطولين» هو علامة على تقدير الأزمات التي يتعرض لها الشبان...

وبعيدا عن هذا الخطاب السياسي الفج والمستميت من أجل احتكار العمل السياسي تتضاعف أعداد المنتحرين حرقا وشنقا... وتزداد أرقام الـ«حراقة» والمتسللين إلى ليبيا ومن ثمة إلى سوريا بحثا عن الجنة الموعودة وحور العين...

ماذا فعلنا بأبنائنا وشبابنا؟ حاكمنا «زواولة» واعتبرنا الغرافيتي «اعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة»، حاكمنا من عبر عن آرائه فدوّن متوهما أنه في بلد الحريات، أنزلنا الفنانين من المسارح والمنصات واعتبرناهم من الفرق غير الناجية ، مزقنا الرسوم، وكسرنا التماثيل والأعمال التشكيلية... وكفرنا أصحابها. وها نحن اليوم ننصب محاكم التفتيش في عدد من المعاهد نفتش عن المثليين فنجري لهم الفحوصات النفسية مختبرين هوياتهم الجنسية ، ومقيمين الدليل على أننا لن نتسامح مع ‘الشذوذ’ وأننا سنطهر المعاهد من ‘المنحرفين.
ثمّ جاء دور فئات أخرى لتوضع تحت المجهر... ذنبها أنّها خرجت عن السائد والمألوف والمتعارف عليه ومارست حقها في اختيار الهيئة واللباس والسلوك واللغة ونمط الموسيقى وأنواع الرقص....فها هي اليوم تُدان تحت مسميات عديدة «عبدة الشيطان»، التغريبيون، المنحرفون «الفئة الضالة»...القناصة متعددون وحراس الأخلاق والشريعة والنظام العام والعادات والتقاليد والنظام الاجتماعي كُثر وحماة الهوية والدين أشاوس لا يهدؤون... يبحثون في السرائر في المؤسسات التعليمية وفي الملاعب بل في الأزقة والأحياء.

لم نتعلم من «ماندلا» دروس التسامح والقبول بالآخر وبالتعددية إذ لا يمكن أن نبني ديمقراطية وأن نحقق الأمن الاجتماعي والحال أننا نمارس الوصم والإقصاء والإكراه ......

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115