هو الّذي أصبح يصنع «الفعل الحدث».
بل يمكن القول أن الناخب الأمريكي أوقع في التسّلل عديد القادة السياسيين و صانعي القرار في العديد من الدول الّتي راهنت بثقة مبالغ فيها على نجاح كلينتون في كسب الإنتخابات الرئاسية وفي مواصلة مسيرة إبن حزبها باراك أوباما.
وإذا تكرر نفس الأمر فإنه لن يمكن الحديث مستقبلا عن مفاجآت جديدة في الإستحقاقات الإنتخابية القادمة، بل سيكون المتابعون والمحلّلون والإعلاميون والمستطلعون، مطالبين بتعديل آليات سبر الأراء والقراءات التحليلية و البحث عن سبل أكثر دقّة و نفاذا لنوايا الناخبين في ظل المتغيرات الإجتماعية الّتي يعرفها عالم اليوم.
فترامب الرئيس الأمريكي الجديد ليس من النخب السياسية وليس من الدوائر المتدخلة في الرأي العام السياسي لا من باب السلطة التشريعية ولا من الإدارات ومؤسسات الدولة الفاعلة في النفوذ السياسي ، و إنما هو رجل «مغامر» استغل شيئا من المال وإرثا من شعبية قديمة في مجال الإعلام، وكثيرا من الثغرات والأخطاء، وخاض حملة انتخابية لامس فيها مواطن الخوف والأمل لدى مواطنيه، فأقنعهم بخطاب بسيط ومتشنج ولكن قريب من مشاعرهم، فحاز الأغلبية المريحة كي يحكم الولايات المتحدة الأمريكية لأربع سنوات.
لا شك أن للسياسية الأمريكية ثوابت لا تتغيّر بتغير الرؤساء لإرتباطها بمصالحها الّتي لا تساوم بها ولا تراهن عليها، ولكن المواطن الأمريكي أفصح في هذه الإنتخابات عن عدم رضاه على وضعه، فاتبع الخطاب الجديد الّذي يعده باسترجاع مجده في دولة عظمى تريد أن تكون قائدة دائمة للعالم وتسعى كي تبقى متحكّمة في مختلف التوازنات الدولية، لا يتجرأ أحد على المس من هيبتها وقوّتها.
هذا الخطاب صاحبه بث روح جديدة في الوعد بتنقية المجتمع الأمريكي رغم الإختلاط المتميز به، طمأن فئات واسعة كانت متفرّجة ومتخلية عن المشاركة في الحياة السياسية، فهبت للمؤازرة غير عابئة بالإتهامات بالعنصرية، واعتقدت.....