بغارة استهدفت منطقة رفح جنوبي غزة، وبين اعلان وزير خارجية الكيان عن تاكيد مقتل السنوار مهندس طوفان الاقصى والمطلوب رقم واحد لدى الاحتلال.
تاكيد اغتيال الرجل الاول في حركة حماس اليوم في الداخل او في الخارج، لم يكن نتيجة تقاطع معطيات استخبارتية أو تحرك فرق مختصة بل كان وفق ما اعلن عنه الاحتلال بـ «الصدفة» التي حققت له ما عجز عنه طوال الاشهر الـ12 الفارطة، حينما قصف بسلاح الطيران مبنى في منطقة تل السلطان، اتضح لاحقا انه كان يأوي السنوار ومرافقين له كانوا مسلحين.
هذه الصدفة استقبلها الاحتلال بلهفة كبيرة تجلت في تصريحات كبار قادته الذين حاولوا تسويق الحدث على انه انتصار لهم وانه دليل على قدرتهم على ملاحقة كل من يعتبرونه خطرا وعدوا لهم. الحقيقة بعيدة عن محاولات التسويق السياسي، وتتجلى في معطيات نشرها الاحتلال نفسه.
ما اعلن عنه الاحتلال شكل صورة يكون كان فيها السنوار مقاتلا ضمن المقاومة لا مختبئا في ملجإ او في مكان آمن، كما انه كان يتحرك فوق الارض لا تحتها بعيدا عن المدنيين، وهذا ينسف ما سوقه الاحتلال طوال حرب ابادته من ان قادة حماس يتخذون من المدنيين دروعا بشرية وانهم يدفعون بهم الى الموت فيما هم متحصنون.
ما اعتقد الاحتلال انه انتصار كبير له لم يكن الا هزيمته وانهيارا لسرديته لمستوطنيه او للخارج وخاصة الفلسطيني، الذي سيعيد تاطير الصورة الذهينة ليحيى السنوار لتجعله في مرتبة مختلفة عن باقي قادة المقاومة، وتجعل منه رمزا.
ولئن استشهد السنوار بالصدفة الا ان الارتقاء به من قيادي سياسي وعسكري اذاق الاحتلال الصهيوني هزائم عدة، مما سيجعله في مرتبة الرمز الذي سيشكل صورة جديدة عن المقاومة خاصة قادتها الذين سيبرزون اليوم في ثوب المقاتل الملتصق بشعبه لا في ثوب السياسي الباحث عن مغانم كما كان يسوق الى ذلك الاحتلال ويشيعه لدى الراي العام العربي.
تداعيات استشهاد السنوار ليست فقط تحطيم الصورة السلبية للمقاومة الاسلامية حماس التي كان يروج لها الاحتلال ويستهدف عبرها المقاومة وقادتها لعزلهم عن حاضنتهم الشعبية، بل ستكون في اعادة ترتيب مشهد الصراع في المنطقة واعداده لمرحلة جديدة.
هذا المكسب الذي حققه الاحتلال حتى ولو كان «مصادفة» سيحقق له مادة دعائية يمكنها ان تعالج ما خلفته عملية طوفان الاقصى من ضرر في صورة الاحتلال كقوة كبرى كما انه سيعيد الزخم الذي فقده الاحتلال بعد الضربة الايرانية الاخيرة، هذا لا يعنى انه حقق النصره او انه اقترب منه.
ما يسوق له الاحتلال بان استشهاد السنوار يمكن ان يحقق واقعا سياسيا وامنيا جديدا في غزة عنوانه الابرز ان القطاع سيكون دون حركة حماس، وثانيا تسويقه الى ان استشهاد السنوار سيوفر له امكانية الافراج الفوري عن اسراه لدى المقاومة، وهذا يكشف عن قراءة مختلة للاحتلال للواقع الفلسطيني.
ما حققه الاحتلال سمنح السنوار هالة ورمزية لم ينلها قبله اي مقاوم او قائد سياسي في حركة حماس، فهو وبشكل غير مقصود سوق لصورة ايقونية له وقدمه في ثوب القائد والزعيم وهذا يمنح المقاومة زخما جديدا ومختلفا كليا