مع انطلاق الفترة الانتخابية: في شروط نزاهة الانتخابات

في بلاغ لها صدر يوم امس الاحد اعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات

عن انها ستمارس وصايتها العامة على الفضاءات العمومية كما ستشرع في مراقبة المترشحين المحتملين للاستحقاق الرئاسي، وكشفت عن تفاصيل هذه الولاية والرقابة في بلاغها الذي اعلنت من خلاله ان لها اليد العليا في تقدير شروط سلامة المسار الانتخابي وتاويل الافعال والخطاب ولها وحدها شرعية ومشروعية انفاذ القانون.

بلاغ لم يحمل اكثر مما تضمنه القانون الانتخابي ولو بقراءة توسعية باتت الهيئة تعتمدها منذ استفتاء 2022 والذي بموجبه لاحقت قضائيا كل الاطراف التي وجهت نقدا حادا للمسار الانتخابي او للهيئة واشغالها، وقد لاحقت الهيئة صحفيين واعلاميين وسياسين بتهم يجمع بينها المس من مسار الاستفتاء او الانتخابات التشريعية.

في هذا الطور الخاص بمسار الانتخابات الرئاسية اعلنت الهيئة مرة اخرى انه وبموجب القانون والدستور اللذين يمنحانها الولاية العامة والكاملة على المسار الانتخابي، تعلم «جميع الناخبين التونسيين ووسائل الاعلام والمتدخلين في العملية الانتخابية، ان الفترة الانتخابية للانتخابات الرئاسية لسنة 2024 تنطلق بداية من يوم الاحد 14 جويلية 2024 وتتواصل الى غاية الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات».

وطيلة هذه الفترة التي قد تمتد لاكثر من اربعة اشهر، فان الهيئة وتطبيقا لمبدإ الولاية العامة شرعت منذ امس الاحد في مراقبة الفضاء العام ورصد اي خطاب او فعل او تحرك له علاقة بالمسألة الانتخابية واخضاعه للقانون وسلطة الهيئة، من ذلك اشارتها الى منع «الاشهار السياسي» و تحجير بث ونشر نتائج سبر الآراء الخاصة بالانتخابات بشكل مباشر او غير مباشر. وهي مسألة باتت من تقاليد واعراف العملية الانتخابية منذ 2011 في تونس.

منذ انتخابات المجلس التاسيسي في اكتوبر 2011 رسخت في تونس بعض تقاليد العملية الانتخابية التي رسختها الهيئات المتعاقبة لضمان حسن سير العملية الانتخابية ونزاهتها. ومنذ الانتخابات التشريعية في 2022 توجهت الهيئة العليا المستلقة للانتخابات برئاسة فاروق بوعسكر الى ترسيخ تقليد جديد يتمثل في اعتماد الهيئة لقراءة توسعية لمبدإ الولاية العامة والاستناد الى التكليف القانوني للهيئة لضمان حسن سير الانتخاب ونزاهتها، باحداث صلاحيات جديدة تسمح للهيئة باخضاع اي قول او فعل في زمن الفترة الانتخابية الى قراءتها وتاويلها واتخاذ الخطوات اللاحقة وفق هذه القراءة والتأويل.

في بلاغها الاخير الذي اعلنت فيه عن حرصها على إنفاذ القانون لردع ما تصنفه بالمظاهر المخلة بسلامة المسار الانتخابي». هنا، بعيدا عن الموقف من هذه القراءة التوسعية ايجابا او سلبا، تعلن الهيئة من خلال هذه القراءة عن هدفها وهو «التصدي لكل الخطابات التي تتضمن الدعوة الى العنف والكراهية والتعصب والتمييز او تضليل الناخبين ونشر الاخبار والاشاعات الكاذبة او نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بهيئة الانتخابات او بالغير، او تشويه السمعة او النيل من العرض او الكرامة او الشرف، او المساس من حرمة الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية». وان الهيئة ستلتزم بتتبع كل فاعل في المجال العام ايا كان موقعه بمن في ذلك رئيس الجمهورية او المواطن غير المهتم بالفعل السياسي او بالعملية الانتخابية وما يقع بين هذين الحدين.

هذا يعنى ان على الهيئة منذ الامس اخضاع الجميع الى رقابتها، وتتبع تحركاتهم وخطاباتهم وممارساتهم واخضاعها الى ما سبق تحديده من محظورات، كنشر الاشاعات او الاخبار الزائفة او هتك الاعراض والثلب، كذلك اي تجاوز للقانون الانتخابي وتراتيب التي اعلنت عنها، إما في مرحلة جمع التزكيات او الترشح او الحملة وغيرها، مما يعنى انها مطالبة بان تكون على نفس المسافة من الجميع لتحقيق هذا الدور الذي سيكون بدوره محل مراقبة من قبل الفاعلين في الشان العام لرصد اي اخلال او تجاوز.

ولئن اعلنت الهيئة عن أن ولايتها العامة تمنحها صلاحيات وسلطة واسعة تسمح لها منذ الان بمراقبة المترشحين المحتملين والاحزاب والجمعيات لمراقبة تمويل الحملة الانتخابية، الا انها ستخضع نفسها محل تتبع ومراقبة شاملة وواسعة لتقييم خياراتها وخطواتها ومدى قدرتها على ان تكون محايدة على نفس المسافة من الجميع.

وهذا يعنى انها اليوم، لضمان نزاهتها ومصداقيتها ستكون مطالبة باخضاع نشاط السلطة بدوره للرقابة والمساءلة اذا سجلت اي تجاوز للخطوط التي رسمتها، كما انها ستكون مطالبة بمراقبة تمويل جميع المرشحين المحتملين لحملاتهم كذلك كل الكيانات التي قد تساهم في تمويل الحملات الانتخابية بأي شكل من الاشكال.

رقابة نرجو ان لا توسعها الهيئة لتشمل النقد الذي قد يوجه اليها اذا رصدت اية اخلالات ممكنة او محتملة في عملها، وان لا تجعلها ذريعة للتضييق على النقاش العام او العمل الصحفي والاعلامي او نشاط المترشحين المحتملين، خاصة وانه ينتظر من هؤلاء ان يصدر عنهم خطاب ناقد ومششك في ما حققته السلطة او هذا المترشح او ذاك. هنا على الهيئة ان تحسن الوقوف على نفس المسافة بين الجميع وان تميز النقد السياسي والمحظورات التي حددتها، وذلك لضمان ان تتوفر شروط التنافس بين المترشحين وان تتجنب الهيئة اي شرخ قد يصيب مصداقيتها ومصداقية العملية الانتخابية برمتها

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115