اذ قرر الرئيس إجراء تحوير جزئي على الحكومة شمل وزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية.
تحوير اعفى بمقتضاه الرئيس اثنين من الوزراء السياسيين في حكومته واللذين يحسبان على «المشروع» اذا كان كل من كمال الفقيه وزير الداخلية المقال ومالك الزاهي وزير الشؤون الاجتماعية، عضوين في التنسيقيات الانتخابية وقبل ذلك في حلقات النقاش التي افرزت المشروع السياسي للرئيس سعيد، سواء المتعلق بالبناء القاعدي او بالشركات الاهلية.
اعفى الرئيس قيس سعيد الوزيرين ثم استقبلهما، وهو الذي لم يستقبل ايا من الوزاء الذين تمت اقالتهم قبل ذلك سواء أكانوا وزراء «تكنوقراط» او وزراء سياسيين على غرار وزير الداخلية الاسبق توفيق شرف الدين الذي كان من بين الوزاء الذين يحملون صفة «ورزاء المشروع».
تطور في مشهد الحكم وقع الكشف عنه بنشر صور وبلاغ عن رئاسة الجمهورية دون اية اشارة الى دوافعه او مسبباته. كل ما قدم مجرد خبر جاف تعلق بتحوير وزاري وصور جمعت الرئيس بوزيريه المقالين وهي صورة تحمل دلالات سياسية قد تقدم بعض الاجابات عن اسباب اقالة الوزيرين وخلفياتها.
الاستثناء الذي خصهما به الرئيس يبين ان الوزيرين يغادران الحكومة ويبدو ان امتدادهما كفاعلين في المشروع السياسي للرئيس سيظل قائما رغم ما يوحي به الاعفاء من عدم نجاح الوزرين في ادارة ملفاتهما.
هنا قدمت بلاغات الرئاسة بعض الايضاحات خاصة في علاقة بوزير الشؤون الاجتماعية، ففي الـ 21 من الشهر الجاري نشرت الرئاسة بلاغا تضمن محاور لقاء الرئيس قيس سعيد بوزير الشؤون الاجتماعية وجاء في البلاغ ما يمكن اعتباره تقييما لاداء الوزارة ونهجها في معالجة جملة من الملفات التي اوكلت اليها,
وورد التقييم في اشارة الرئيس الى وزيره بضرورة الإسراع بوضع تشريعات جديدة …تلك المتعلقة بالمناولة وبالعقود المحدودة في الزمن» وهي التشريعات التي اعلن الرئيس قبل اشهر عن ضرورة مراجعتها كما اعلن عن ايقاف العمل بعقود المناولة، الا ان هذا لم تتم مواكبته باجراءات وسياسات فعلية من قبل الحكومة، ويبدو ان المسؤولية وقعت على وزارة الشؤون الاجتماعية.
مسؤولية عدم تفعيل سياسات الرئيس اضافة على عدم صياغة تصورات لادارة الملف الاجتماعي في تونس بما يخدم صالح التونسيين وقد تكون العناصر التي وقع الاستناد عليها لاعفاء وزير الشؤون الاجتماعية من منصبه ويبدو انها تتضمن عدم تسوية ملف عمال الحضائر.
امكانية تحديد العناصر المحتملة التي دفعت بالرئيس الى اعفاء وزير الشؤون الاجتماعية وهو ابرز القياديين في المشروع السياسي للرئيس ومن ابرز المقربين منه، لا يمكن ان تحدد بشكل جلي في علاقة بوزير الداخلية الذي تمت اقالته في سياق تضمن بعض التطورات التي كانت الوزارة جزءا منها ومن بينها ملف المهاجرين غير النظامين الذي كان محور جلسة استماع للوزير المقال في لجنة العلاقات الخارجية وفيها قدم ارقاما واحصائيات تقلل من خطر المهاجرين غير النظامين هذا بالاضافة الى الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في الاسبوعين الاخيرين، ومنها احتجاج الشباب وخروجهم في مسيرة يوم الجمعة الفارط، قبل 24 ساعة من الاعفاء، وقد لا تكون هذه التطورات بالضرورة هي التي ادت الى الاقالة.
مشهد مركب يكتنفه الغموض الذي يسمح بتسلل سرديات الى الفضاء العام تبحث عن تفسير ما حدث وتبحث عن فهمه وفهم العقل السياسي الذي قاد الى اعفاء آخر وزيرين سياسيين في حكومة الرئيس، والمعنى الذي تمثله، وقد يكون القصد منها الاعلان عن غلق قوس تجربة ابناء المشروع في مفاصل الحكم والدولة والاستعانة بابناء الادارة التونسية لتسيير دواليب البلاد؟.
اسئلة عدة ستظل عالقة في ظل غياب اي معطيات رسمية او موثوقة تفسر ما يحدث، وهل أن اعفاء الوزيرين جزء من تصور جديد يتبناه الرئيس ويسعى به الى ضمان النجاعة في الحكم، عناصر ستظل محل تجاذب وجدل حاد هذه المرة لن يكون بين السلطة والمعارضة بل بين ابناء المشروع السياسي الواحد اي «مسار 25 جويلية» الذي تتخلله تيارات عدة