في انتظار مواقف المنظمات الوطنية الكبرى: المحامون غاضبون

كان الحدث يوم امس تظاهر المحامين التونسيين بكثافة في شارع «باب البنات» بتونس العاصمة

احتجاجا على ما وصفوه بـ«استعمال القوة والتعنيف» في حق زملين لهما تم ايقافهما يوم الاثنين من قبل قوات الامن التي داهمت «دار المحامي» واقتادت زميليهما.

مئات المحامين اختارو ان يكون احتجاجهم بصفتهم المهنية فارتدوا ثوبهم الاسود وتجمعوا في الساحة الامامية للمحكمة الابتدائية بتونس العامصة، هاتفين بشعارات ابرزها «حريات حريات دولة البوليس وفات» و«لا خوف ولا رعب السلطة ملك الشعب» للتعبير عن غضبهم من مجريات الامور خلال الاسبوعين الفارطين، في علاقة بالتوتر الذي احتدم بين المحاماة والسلطة.

توتر ارتفعت حدته منذ يوم السبت الفارط، حينما «اقتحمت» قوات الامن دار المحامي وفق الوصف المعتمد في البيان الصادر عن مجلس هيئة فرع تونس للمحامين، وازداد تفاقما منذ بداية الاسبوع حينما داهمت قوات الامن مرة اخرى دار المحامي لالقاء القبض على المحامي مهدي زقروبة الذي اعلنت هيئة الدفاع عنه كذلك عدد من المحامين عن انه تعرض «للتعذيب» والتعنيف من قبل قوات الامن اثناء التحقيق معه قبل ان ينقل في الليلة الفاصلة بين الاربعاء والخميس الى المستشفى بعد ان فقد الوعي، وهذا ما نفت وزارة الداخلية وقوعه، وأكدت انه لم يتم الاعتداء على المحامي مهدي زقروبة أثناء عمليّة إيقافه في دار المحامي أو في مكان الإيقاف.

نفي يبدو انه لم يقنع المحتجين يوم أمس، فقد رفع المحامون كذلك النشطاء والسياسون والشباب المحتجون الداعمون والمساندون للمحامين شعارات تدين عودة التعذيب وتتهم الدولة بالنكوص عن التزاماتها في حماية المواطنين وحفظ كرامتهم، واعتبروا أن ما حدث مؤشر خطير على الانحراف والتدهور الذي بات عليه واقع الحريات كذلك الوضع السياسي في البلاد.

وضع عاشته البلاد خلال الايام الفارط كشف عن وجود ما يمكن اعتباره «ازمة» تعيشها المنظمات الوطنية الكبرى، التي اقتصر بعضها على اصدار البيانات في نهاية الاسبوع الفارط وفي بداية هذا الاسبوع والتي تضمن جلها ادانة لما وصف بـ«اقتحام دار المحامي» ليلة السبت الفارط من قبل اتحاد الشغل او من رابطة حقوق الانسان اومن نقابة الصحفيين.

بيانات اكتفت بها المنظمات الابرز في المشهد الجمعياتي التونسي اليوم واعلنت فيها انتقادها للوضع دون ان تقدم اكثر من ذلك حتى وان فعلت فان الامر وقف عند اعتبار ان الوضع العام متأزم و الاعراب عن خشيتها من «الاستبداد» كما ورد في البيانات.

بيانات قد يعتبرها البعض الحد الادنى او الاقصى، في كلى الحالتين لا يمكنها ان تحجب عن ان هذه المنظمات التي تعلن انها تمثل منخرطيها ومصالحهم، سواء أكانت نقابية او حقوقية، لم تبلور الى حد الساعة قراءة واضحة للمشهد العام كما لم تكشف عن رؤيتها لمجريات الاحداث في تونس، وعن الانقسام المجتمعي الحاد في علاقة بجل قضايا الشأن العام. ما نحن ازاءه اليوم يتعلق بضعف اداء هذه المنظمات لدورها في تأطير منخرطيها وادارة النقاش العام بما يوفر ضمانات العيش المشترك والنقاش الحر.

هذا الثلاثي يقابله ثلاثي اخر، غاب كليا خلال الاسابيع الفارطة بما يولد الحيرة عن اسباب ذلك، أن منظمة الاعراف واتحاد المرأة واتحاد الفلاحين غابت كليا عن المشهد ورفضت تقديم اي تعليق او قراءة للاحداث، بادانتها او بدعمها، اذ لم يصدر من قبلها صوت يكشف عن قراءتها للمشهد السياسي العام او يعبر عن موقفها.

ما يطرح اليوم وايا كانت القراءة او الاصفطفاف يتطلب من المنظمات باعتبارها جسما وسيطا يعبر عن مجموعة او عن قطاع معين ان تتقدم لقيادة النقاش العام وتاطيره، سواء أ كانت داعمة ومساندة ام معارضة وناقدة، ذلك ان دور المنظمات هو المساهمة في ادارة الشان العام والنقاش العام وتقديم قراءات للاحداث أوشرحا للخيارات أوتصورات للحلول في حالة وجود ازمة، اي ان دورها ان تكون محركا للنقاش العام ومؤطرا له لا ان تغيب كليا او ان تكتفي ببيانات.

اليوم، على هذه المنظمات القيام بدورها في التثقيف وتاثيث الفضاء العام بخطاب عقلاني يسمح بادارة الحوار المجتمعي في أطر تضمن حق الاختلاف وتعزز قواسم العيش المشترك

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115