بعقد سلسلة اجتماعات مجلسها الذي سينظر في موعد الانتخابات وشروط الترشح لها وبقية التفاصيل الترتيبية الخاصة بها، وبهذه الخطوة ينضاف الى الصورة التي وقع الانطلاق في تشكيلها منذ بداية السنة عنصر جديد حتى وان كان لا يغير المعادلة السابقة، وهي انه لدينا مرشحون لانتخابات لم يعلن بعد عن شروطها ولا عن موعدها.
رغم خيبة أمل الذين راهنوا على ان تعلن الهيئة العليا المستعلقة لانتخابات يوم امس بعد اجتماع مجلسها عن مواعيد الدورين الاول والثاني من الانتخابات الرئاسية القادمة، لم يحمل البيان الصادر عن الهيئة تحديدا للمواعيد او اية اشارة تتعلق بشروط الترشح وقد حدد الناطق باسمها محمد تليلي المنصري آجال الاعلان عن موعد الانتخابات، او على الاقل الآجال المحتملة في نهاية هذا الأسبوع.
وقد أشار الناطق باسم الهيئة الى ان اجتماعات مجلس الهيئة خلال هذا الاسبوع ستفضى الى صياغة روزنامة الاستحقاق الرئاسي وشروط الترشح التي قال انها لن تكون خارج الاطار الذي وضعه دستور 2022، واكتفى بهذا القدر الذي لا يرفع الغموض الذي يحف بالانتخابات سواء لدى الناخبين او لدى الفاعلين السياسين وخاصة لدى المترشحين الذين اعلن بعضهم عن الترشح وبعضهم ينتظر أن يعلنوا عن ذلك.
الجلي في المشهد الانتخابي اليوم ان لدينا اليوم 7 مترشحين اعلنوا عن نيتهم خوض الانتخابات الرئاسية كذلك الرئيس الذي لمح الى انه سيتقدم لعهدة ثانية وذلك في خطاب له القاءه في روضة آل بورقيبة بالمنستير يوم 6 من افريل الجاري.
مترشحون تختلف تجاربهم ومشاربهم الا انهم يتقاطعون عند نقطة الانتظار في علاقة بتحديد شروط الترشح، خاصة وان الضبابية تهيمن على المشهد اذا تعلق الامر بالشروط رغم تمسك اعضاء من الهيئة على ان الشروط لن تشهد تغييرات جذرية عدا تلك التي وقع التنصيص عليها في الفصلين 89 و90 من الدستور الجديد والمتعلقة بشرط السن والجنسية بالأساس.
ملامح الشروط الجديدة قد تقصى منذ البداية الفة الحامدي التي اعلنت عن نيتها في الترشح منذ ديسمبر 2023، وذلك بسبب شرط السن الذي أصبح وفق الدستور 40 سنة، فيما ينتظر بقية المترشحين الستة الاخرين، ومنهم عبير موسي ونزار الشعري ومنذر الزنايدي ولطفي المرايحي والصافي سعيد وعصام الشابي الذي رشحه حزبه الاعلان عن بقية الشروط، ويهتم كل منهم بنقطة بعينها.
في حالة عصام الشابي وعبير موسي المودعين اليوم في السجن تحت طائلة الايقاف التحظي لا يعرف ما اذا كان القرار الترتيبي للهية المتعلق بالشروط قد يمنحهما امكانية الترشح عبر ممثلين عنهما ام سيوضع شرط وجوبي يتمثل في ان يكون تقديم الترشح شخصيا، وهذا قد يؤثر على المترشح المحتمل منذر الزنايدي المقيم اليوم في فرنسا.
هذا الشرط، الذي لم يتضح توجه الهيئة بشأنه في نقاشاتها الداخلية، قد يؤدي في حال اقراره، اي اقرار ان يكون الترشح شخصيا ومباشر، الى اقصاء بعض الذين اعلنوا عن ترشحهم او يعتزمون القيام بذلك، وهذا الشرط اذا وضع قد يثير جدلا وينظر اليه على انه اجراء يهدف الى التضييق على المترشحين المعارضين لمسار 25 جويلية.
في الاستحقاقين السابقين، منحت الهيئة للمترشحين امكانية ان يقدم من ينوبونهم ترشحاتهم الى الانتخابات، وذلك ما يبدو ان الحزب الدستوري الحر والحزب الجمهوري قد استندا عليه للاعلان عن ترشيح رئيسيهما عبير موسي وعصام الشابي. ويبدو أن المترشح المحتمل منذر الزنايدي قد اعتمد على ذلك قبل اعلانه الترشح في تسجيل فيديو نشر في منصات التواصل الاجتماعي مما قد يجعل هذا الثلاثي اشد المعارضين لهذا الشرط الجديد الذي قد يستعمل كحجة من قبل المعارضة ومنتقدي هيئة الانتخابات على عدم سلامة المناخ الانتخابي وعلى ان السلطة الراهنة تريد افراغ الاستحقاق من رهاناته واختيار منافسين بعينهم.
وليس هذا الشرط قد يستعمل كحجة او كشرط جديد غير الذي وقع اقراره في الدستور وفي القانون الانتخابي القديم، فاذا اقرت الهيئة في قرارها الترتيبي شروطا جديدة، اضافة الى شرط السن وشرط الجنسية والتمتع بكامل الحقوق المدنية، سيكون ذلك حجة على ان العملية الانتخابية قد افرغت من مضمونها وان الهيئة، بوعي منها او بدونه، تكون قد ساهمت في ذلك.
وضع معقد ومركب تتحرك فيه هيئة الانتخابات التي اعلن رئيسها بوعكسر عن انها مباشرة بعد الاعلان عن الموعد والقرار الترتيبي ستفرض وصايتها ورقابتها على المشهد العام من منطلق صلاحية وصايتها على الانتخابات لمنع اي مساس بالعملية الانتخابية، وذلك ما قد يفهم من المعارضة ومن منتقدي الهيئة على خطوة استباقية لتجنب النقد والجدل السياسي.
كل هذا يمكن ان يؤثر سلبا على العملية الانتخابية ويجعلها عرضة للنقد والتشكيك، واذا تم ذلك سيكون بمثابة انتكاسة كبرى لتونس التي وان عاشت على وقع جدل سياسي منذ 2011 وخطاب حاد بين السلطة والمعارضة لكنها لم تعرف خلال تلك السنوات اي تشكيك في الصندوق في نتائجه، وذلك ما قد نشهده اذا انحرفت الامور عن مسارها، وهو ان التنافس النزيه يتطلب ان تحترم شروط اللعبة الانتخابية من الجميع وان لا يقع تعديلها حتى تتناسب مع مزاج الحكم