في زيارتها الرابعة إلى تونس في أقل من سنة: ميلوني وسعيها إلى احتواء الأزمة قبل اندلاعها

انهت رئيسة الحكومة الايطالية جورجيا ميلوني بعد ساعات معدودات من يوم امس

زيارتها الرابعة الى البلاد منذ فوز حزبها بالانتخابات الايطالية وتكوين حكومة جعلت من مكافحة الهجرة غير النظامية وتدفق المهاجرين غير الشرعيين على السواحل الايطالية اولويتها وشغلها الشاغل.

زيارة لم تحظ بالكثير من البهرج الرسمي كما حصل مع الزيارات الثلاثة السابقة وخاصة الزيارتين اللتين جمعتا بين ميلوني وفاندرلاين المفوضة الاوروبية التي زارت البلاد في مناسبتين مرفوقة برئيسة الحكومة الايطالية للتفاوض مع السلطات التونسية بشأن ملف الهجرة غير النظامية والحد منها مقابل امتيازات وحوافز يمنحها الاتحاد الاوروبي.

في الزيارة الرابعة لميلوني الى تونس لم تقدم اية معطيات رسمية من قبل مؤسسات السلطة التونسية التي تركت المبادرة الاتصالية لضيفة تونس التي نشرت في حسابها على منصات التواصل الاجتماعي تدوينات ومنشورات تحدثت فيها عن زيارتها واهدافها وعن علاقتها بتونس وبرئيسها قيس سعيد.

لم تغفل رئيسة الحكومة الايطالية التي حل ركبها امس وغادرت البلاد في اقل من 6 ساعات عن تقديم خطاب سياسي يثمن الجهود التونسية وينوه بالعمل الجماعي معها للتصدي «للتجارة بالبشر» وهو المصطلح الذي تستخدمه السلطتان الايطالية والتونسية للاشارة الى الهجرة غير النظامية بهدف ترسيخ صورة ذهنية تجعل من الهجرة «جريمة» تستهدف البشر ومصائرهم.

تسويق برز في التصريح الذي ادلت به ميلوني في قصر قرطاح او لوكالة «نوفا» الايطالية التي نشرت ما يفيد بأن جورجيا ميلوني «شكرت السلطات التونسية على العمل الجماعي للتصدي للمتاجرين بالبشر» كما انها اعربت عن ان هذا الجهد يؤكد على ان العلاقة بين تونس وايطاليا لا تقوم على «مقاربة جديدة» بل فقط على الندية والمساواة والمصالح المتبادلة وهو الموقف الذي طالب رئيس الجمهورية قيس سعيد الدول الاوروبية باتباعه وكان ذلك قبل زيارة ميلوني والوفد المرافق لها بيومين ، وتم ذلك في اجتماع مجلس الامن القومي بقصر قرطاج يوم الاثنين الفارط حينما كشف الرئيس عن لاءات تونس في ملف الهجرة غير النظامية وابرزها رفض اقامة مخيمات للمهاجرين في تونس واعلانه بأنها ليست أرض عبور أو استقرار للمهاجرين غير النظامين.

موقف تونسي كشف ولو بشكل غير مباشر عن وجود خلافات بين تونس والاتحاد الاوروربي وخلفه ايطاليا في علاقة بالهجرة غير النظامية، عنوانه الابرز رفض تونس تحمل كلفة معالجة ملف الهجرة بمفردها او تحمل الجزء الاعظم من الكلفة.

هذا ما يبدو ان الجانب الايطالي تلقفه بانتباه شديد خاصة ان هذا الموقف تزامن مع نشر معطيات تتحدث عن تسجيل زيادة في اعداد الواصلين الى السواحل الايطالية خلال الفترة المتتدة من 15 مارس الى غاية 15 افريل الجاري حيث بلغ عدد الواصلين 5587 مهاجراً، بعد ان سجل تراجع خلال السنة الفارطة وبداية السنة الجارية وذلك بالاستناد الى ما صرحت به رئيسة الحكومة وما قدمته في خطابها من كلمات ثناء ومجاملات سعيا منها الى اذابة الجليد مع السلطة التونسية التي قد تكون «منزعجة» من عدم التزام الجانبين الاوروبي والايطالي بتعهداتهما التي ابرمت في جويلية الفارط ضمن ما عرف بمذكرة التفاهم الاستراتيجية والتي واجهت نقدا صلب البرلمان الاوروبي الذي صوّت في منتصف مارس الفارط على قرار بالطعن في شروط صرف الاتحاد لمبلغ 150 مليون يورو لدعم موازنة تونس وهو ذات المبلغ الذي تعهد به الاتحاد كدفعة اولى في جويلية الفارط لدعم الميزانية التونسية.

تعقيدات جمة حفّت بالاتفاق التونسي الاوروبي في ملف الهجرة يبدو انه دفع رئيسة الحكومة الي زيارة تونس بهدف معالجة هذه الازمة قبل ان تستفحل وهو أمر قد لا يكون بسيطا او مضمون الحدوث رغم ما حمله بلاغ رئاسة الجمهورية الصادر امس عن الزيارة من اشارات ايجابية عن الزيارة الى جانب تكرار ذات الموقف المعلن في بداية الاسبوع. فوفق بلاغ الرئاسة تم التاكيد «مجددا» على موقف تونس الثابت والرافض لان تكون «البلاد مستقرا أو معبرا للمهاجرين غير النظاميين» كذلك الدعوة الى اعتماد مقاربة جماعية لمسألة الهجرة ومحاربة شبكات المتاجرة بالبشر.

ويبقى تحديد نجاح الزيارة من عدمه غير مستند على الخطاب الدبلوماسي الباحث عن تهدئة الوضع، اذ تلتقي السلطة التونسية والايطالية في خطابهما في نقاط عديدة كشفت عنها خطة ماتي التي تبنتها ايطاليا في ملف الهجرة والتعاون مع قارة افريقيا، لكن الخطاب،على اهميته، لا يعالج الخلافات في هذا الملف الا اذا تحققت الالتزامات على أرض الواقع، هنا لن تكون الاتفاقيات الثلاث التي أبرمت امس كافية، خاصة وانها اتفاقيات سبقت الخلافات الراهنة في ادارة ملف الهجرة

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115