في قضايا تتعلق بحرية التعبير والاعلام، سواء من أهل الصحافة والاعلام أو من غيرهم، فقد تكررت الخطوات ونسق الاحالة وسرعة الايقاف والايداع بالسجن ثم اصدار الحكم القضائي في قضايا حرية التعبير والاعلام التي بات بعض منها يحال على معنى قانون مكافحة الارهاب والشهود فيها باتوا متهمين.
وضع كاف لوحده للاشارة الى الحال الذي آل اليه الاعلام والصحافة في تونس وواقع حرية التعبير والنشر وما بلغه من وضع سريالي تجسد في مشهد تكرر مرات عدة ، تصريح ومعطيات يقع الادلاء بها في وسيلة إعلامية او في تدوينة على المنصات تجعل صاحبها محل ملاحقة قضائية ضده في ساعات معدودات يصبح فيها متهما تلاحقه الفرق الامنية لجلبه الى التحقيق.
مشهد عاشه الاعلامي محمد بوغلاب خلال اليومين الفارطين، اذ وفق فريق دفاعه أمرت النيابة العمومية يوم الجمعة الفارط بإدراج بوغلاب بالتّفتيش وان فرقة امنية تحولت للبحث عنه واقتياده الى مقر باحث البداية بثكنة العوينة وذلك ما تم بعد ايقاف بوغلاب اثناء اصطحابه لابنه الى المدرسة وفق فريق الدفاع.
مشهد هليودي لالقاء القبض على متهم مصنف خطير يمثل تهديدا على امن البلاد واستقراراها، بات يتكرر في حق الصحفيين والنشطاء والمواطنين لمجرد ابداء راي او تصريح او قول حتى وان كان لا يستوجب الادانة، وهذه المشهدية يبدو انها تهدف الى تحقيق غرضين، نشر الخوف في قلوب التونسين برمتهم واسكات اي صوت مخالف.
فاي كان الفعل المجرّم بالتصريح الذي يأتيه صحفي او اعلامي او مواطن لا يقتضي الأمر ان يسلب حريته ولا يقتضى ان يصبح مطاردا وملاحقا قضائيا على هذه الشاكلة التي تكشف عن سياسة جزائية رسمية تقوم على اعتبار قضايا التعبير والصحافة اولوية وتعتبر انه من الضرورة ان تمارس الشدة والحزم تجاه المتهمين في مثل هذه القضايا لتحقيق هدف سياسي وهو فرض السيطرة على الفضاء العام وحماية رواية السلطة وخطابها من المساءلة .
لا يعقل ان تكون الاجراءات القضائية المتخذة في وقت قياسي مجرد صدفة تتكرر مع كل قضايا التعبير والراي ولا يعقل ان تستمر هذه الصدفة دون ان يكون قرار تواصلها ضمن السياسة الجزائية للدولة التونسية التي باتتت اليوم تلاحق الصحفيين وترهبهم بسيف المرسوم 54 وبقانون الارهاب وبكل النصوص القانونية التي تسمح للسلطة بان تكيف التهم وان تلاحق المتهم قضائيا وتصدر في شأنه حكما بالسجن.
وضع يستوجب اليوم من المؤمنين بحرية التعبير والصحافة ان ينتفضوا وان يقفوا صفا واحدا ضد هذه السياسيات العمومية التي لا تبحث الا عن قمع اي صوت مختلف واقصاء اي خطاب او سردية او رواية غير رواية السلطة واهلها من الفضاء العام بهدف الهيمنة عليه وعلى البلاد