الصلح الجزائي: هل سيتم تجاوز عثرات السنتين الماضيتين؟

بكلمات حملها بلاغ الرئاسة الصادر يوم الجمعة الفارط،

وقع الكشف عن تقييم جديد لاسباب تعثر مسار الصلح الجزائي في طوره الاول، وهو عدم الجدية في تعاطي المعنيين بالصلح مع المسار، وذلك لن يكون ممكنا اليوم بعد تنقيح المرسوم الذي اعتبر الرئيس أنه فتح «الأبواب لمن أراد جادا أن يعيد للشعب التونسي أمواله».

في قراءة الرئاسة ـ وهي الجهة المبادرة بمسار الصلح ـ وقعت الاشارة ولو بشكل غير صريح الى ان تعثر الطور الاول لمسار الصلح الجزائي الذي انطلق في مارس 2022 وتواصل الى غاية نوفمبر 2023 وذلك جراء تعثر جراء عدم مشاركة المعنين بمسار الصلح من رجال الاعمال او ممن تورطوا في ملفات فساد ونهب للاموال العامة، وفي استهزائهم بالمسار وفق الوصف الذي اعتمده بلاغ الرئاسة.

بلاغ كشف عن ان التعثر في تحقيق الاهداف المرسومة من المسار لا تتعلق بنص المرسوم عدد 13 ولا بالاشكاليات الادارية والقانونية التي واجهت اعمال لجنة الصلح والتي سبق وان اقر بها الرئيس في زياراته المتكرّرة إلى مقرّ لجنة الصلح، حيث عبر الرئيس عن خيبة امله وفسر فشل اللجنة بالتعقيدات الادارية التي يقودها من اعتبرهم الرئيس لوبيات او مندسين .

كما ارجع التعثر الى وجود نصوص قانونية قديمة تحول دون تحقيق هدف الصلح الجزائي وغير ذلك من الاسباب التي حالت دون نحاح الطور الاول من الصلح الجزائي، مما أدى الى تعديل المرسوم بهدف منح السلطة التنفيذية ادوات تسمح لها بتنزيل تصورها للصلح الجزائي.

تصور كان من المفترض ان يدفع المعنيين بالصلح الجزائي الى الالتحاق بالمسار وتقديم مطالب الصلح الى اللجنة الخاصة، التي لم تعلن تركيبتها بعد، عبر منح السلطة قدرات اوسع للردع وفرض خياراتها وذلك ما اعتبر بلاغ الرئاسة الصادر يوم الجمعة انه فتح الأبواب للجادين في تسوية ملفاتهم بمن فيهم الذين اتخذوا وفق الرئاسة مسار الصلح الجزائي في طوره الاول «هزؤا» اذ يمكنهم اليوم ان يلتحقوا بالمسار على ان يكونوا جادين كما يجب علي المتمتعين بالصلح «أن يتبعوا صراطا سويا»، هذا ما حمله البلاغ الخاص بلقاء الرئيس في نهاية الاسبوع الفارط مع رئيس حكومته ووزارئه ومحافظ البنك المركزي.

لقاء خصص لموضوع أساسي وهو الصلح الجزائي واختيار أعضاء اللجنة الوطنية المكلفة بالنظر في مطالب الصلح وذلك وفق بلاغ الرئاسة الذي لم يشر الى مآل اختيار اعضاء لجنة الصلح ولا الى أي تطور في مسار الصلح في طوره الثاني، الذي انطلق بمصادقة المجلس على التقنيحات التي تقدمت بها الرئاسة لمرسومها الخاص بالصلح الجزائي عدد 13 الصادر في 2022.

طور ثان استهلته السلطة بالتلميح مرة اخرى الى ان تعثر مسارها في بدايته مرده عدم التعاطي الجدي معه من قبل المشمولين بفصوله ولا من قبل الادارة او بقية المتداخلين فيه، متجنبة قدر الامكان الاقرار بانها اخطأت في عدة أطوار، وهي في طريقها الى تكرار ذلك.

ورغم أن السلطة انتقدت الجميع الا انها لم تشر من بعيد او من قريب الى مسؤوليتها في تعثر المسار، ولا الى بطء نسقه والى أنها تتحمل المسؤولية الأولى عنه، فسواء أتعلق الأمر بالمرسوم او بالقانون بعد مصادقة المجلس عليه منذ اسابيع، يبقى المحدد لنسق مسار الصلح رئاسة الجمهورية التي لم تعلن الى حد اليوم عن هوية أعضاء اللجنة المكلفة بالصلح، ولا عن مواعيد وآجال المسار الذي ترك بيد الرئاسة لتحديد آجاله القانونية في مختلف الاطوار

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115