والمحذّرة من إقدام الاحتلال على غزو بري لمدينة رفح في جنوب قطاع غزة التي تعيش على وقع قصف مكثف يكشف عن حجم التناقض وازدواجية المعايير الغربية التي تجعل الحكومات تستنكر التصعيد فانها الا انها تستمر في دعمه السياسي والعسكري.
بعد مرور أكثر من 4 أشهر على العدوان الصهيوني على الفلسطينين في قطاع غزة الذي اسفر عن ارتقاء 28576 شهيدا واصابة 68291 جريحا وفق إحصائيات وزارة الصحة بغزة، وحجم الدمار الذي شهده القطاع والوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه 1.4 مليون نازح في مدينة رفح، اعلن الاحتلال الصهيوني عن دخوله في مرحلة جديدة من حرب إبادته باطلاق عملياته العسكرية في منطقة رفح.
عمليات عسكرية يسوق لها على انها الخطوة الأخيرة لتحقيق النصر الحاسم وتفكيك قدرات حركة حماس العسكرية التي تمتلك أربعة كتائب مقاتلة في رفح لم تلتحق بعد بالعمل العسكري كبقية الكتائب في مختلف مناطق القطاع.
تصعيد ميداني لجأ اليه رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني وسوق له في وسائل الإعلام على انه خيار لا بد منه لتحقيق أهداف الحرب على غزة، وهي تحرير الاسرى لدى المقاومة وتدمير قدرات المقاومة الفلسطينية، وكأنّ الاحتلال نجح في القضاء على المقاومة ومقاتليها في بقية القطاع خاصة في الشمال، حيث تحافظ المقاومة الفلسطينية على قدرات قتالية مكنتها من تكبيد الاحتلال خسائر جديدة خلال الساعات الـ48 الفارطة، وهذا وفق ما نشره الاحتلال من معطيات.
نقل المعركة الى رفح حتى وان قدم من قبل الاحتلال على انه جاء لاستكمال النصر وغيره من العبارات الفضفاضة، ليس في الحقيقة إلا محاولة من قبله لتخفيف الضغط الناجم عن فشل العمليات العسكرية في الشمال والتي لم يحقق فيها الاحتلال اي نصر حاسم او تقدم عدا ما ارتكبه من مجازر وجرائم حرب يعتزم تكرارها في رفح على امل ان يفاقم من الضغط على حركة حماس ومفاوضيها لتقديم تنازلات في مفاوضات القاهرة التي انسحب منها الاحتلال وفق اخر ما نشرته رئاسة حكومته بعدم ارسالها لوفد المفاوضين للقاهرة.
خطوة التصعيد الراهنة في رفح الواقعة تحت حزام ناري كثيف من اليات الاحتلال وتهديدات صريحة باجتياحها البري في الساعات قادمة، لم يغير كثيرا في مشهد التوازنات الدولية ولا في مساعي المجتمع الدولي لمنع ابادة جماعية تتم أمام أنظار العالم ومؤسساته التي عرت الحرب ازدواجية معاييرها وانحيازها الى الاحتلال وحلفائه الغربيين وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي تكشف المعطيات المسربة في وسائل إعلامها ان ادارة بايدن حتى وان كانت غاضبة وتعتبر رئيس وزراء الاحتلال «أحمق»، الا أنها لا تمانع في قيامه بالاجتياح البري لرفح ولا تعارضه وترغب في ان يتم قبل حلول شهر رمضان لتجنب اية تداعيات محتملة. كما ان مجلس الشيوخ الأميركي، الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، اقر يوم الثلاثاء الفارط حزمة مساعدات بقيمة 95.34 مليار دولار سيخصص جزء هام منها للاحتلال.
مساعدات يقول عنها الرئيس بايدن إنها توفر للاحتلال ما يحتاجه لحماية «شعبه من الجماعات الإرهابية مثل حماس وحزب الله وغيرهما» ولكنه يغض البصر عن استخدمات هده المساعدات المالية والعسكرية الأمريكية في إبادة الفلسطينيين وتهديد استقرار المنطقة بحرب واسعة في ظل تنامي التحذيرات الصادرة من دول المنطقة التي تدرك ان اجتياح رفح سيؤدي الى انفجار داخلي وتهديد لامن بعضها واستقرارها على غرار مصر التي تشير تقارير اعلامية الا انها لوحت بتجميد اتفاق السلام مع الاحتلال اذا اقدم على اجتياحه البري .
ضغط يتصاعد لا فقط من دول المنطقة التي اكتفت بإبداء استنكارها دون القيام بخطوة ملموسة تدفع بها الى وضع حد للجرائم والابادة الجماعية، كورقة النفظ او التلويح بتجميد اتفاقيات السلام مع الاحتلال او اي من الخطوات العملية القادرة على دفع المجتمع الدولي إلى وضع حد لهذه الجرائم الصهيونية المتواصلة في ظل دعم أمريكي وأوروبي يقع تجميله بخطابات وتصريحات لم ترتق يوما الى خطوات ملموسة لايقاف الحرب والابادة.
ورغم انتفاض الشوارع الأوروبية والموقف الاسباني والايرلندي من جرائم الاحتلال الا ان الاتحاد الأوروبي لايزال عند موقفه القديم القائم على تناسب الرد الصهيوني مع القانون الدولي وان لا يقتل الكثير من المدنين، وهو ما بات ينتقده صراحة مفوض الشؤون الخارجية في المفوضية بقوله «اي حد هو المقبول» في اشارة الى عدد القتلي المرتفع عل المجتمع الدولي والاتحاد الاوروبي يضغطان على الاحتلال لوقف حربه، وهنا يقترح المفوض وقف تزويد الاحتلال بالسلاح طالما ان قادته السياسيين يرفضون أي دعوات لوقف الحرب.
مشهد دولي كشف عن سوءات الجميع وعن ازدواجية غربية مقيتة بررت مقتل اكثر من 13 ألف طفلل في حرب دعمتها القوى الغربية ومنعت تنفيذ قرارات المؤسسات الاممية حتى تلك التي كانت محتشمة كقرار محكمة العدل الدولية التي طالبت الاحتلال بالامتناع عن اي ممارسات للابادة الجماعية بعد الطلب المستعجل الذي قدمته جنوب افريقيا التي اعادة الكرة خلال الساعات الفارطة وقدمت طلب استعجال إصدار قرار بوقف الحرب من محكمة العدل الدولية لمنع إبادة وتهجير مليون ونصف فلسطيني لم تبق لهم الا الخيام وقليل من الطعام والشراب بعد ان خذلهم كل العالم وجيرانهم الذين تورطوا بأشكال مختلفة في ابادتهم