وامتداداتها السياسية، خاصة وأن 21 من القتلى وقعوا دفعة واحدة إثر استهداف المقاومة الفلسطينية لهم أثناء قيامهم بوضع ألغام في منزلين في مخيم المغازي بهدف ازاحتها لفسح المجال للآليات العسكرية للتحرك بأريحية.
وقع الصدمة في صفوف الاحتلال لم يكن فقط لحجم قتلاه في عملية عسكرية لم تسفر عن استشهاد أي مقاتل فلسطيني بل وحتى تسجيل إصابات في منطقة يسوق الاحتلال طوال أسابيع بانه سيطر عليها وأنهى وجود المقاومة فيها، قبل أن يستفيق على نبأ مقتل 21 من ضباطه وجنوده على بعد 600 متر من الحدود مع ما يعرف بغلاف غزة.
ثقل الصدمة يتمثل في أن المنطقة الوسطى التي تضم وسط عزة المحاط بعدد من المخيمات كان يعتقد أنه بات تحت سيطرة جيش الاحتلال الذي انتقل الى مرحلة جديدة عنوانها الأبرز استهداف مخيم خان يونس ومحاصرته بهدف تطويق غرفة عمليات المقاومة وفق استنتاجات الاحتلال الذي يروج منذ فترة إلى أن المقاومة وقياداتها العسكرية والسياسية كما الاسرى لديها في مخيم خان يونس وأنه بات على مقربة من تحقيق أهدافه حربه بوصوله إلى هذه المرحلة.
غير أنه واجه ما لم يكن يتوقعه وما لم يستطع أن يتوقعه بفضل معلوماته الاستخباراتية وهو كمين نفذته المقاومة وأسفر عن مقتل 21 جنديا وفق الإعلان الرسمي لجيش الاحتلال الذي اشار الى انه تم تسجيل عدد من الاصابات وان عمليات انتشال الجثث والمصابين استغرقت ساعات، نظرا لانهيار منزلين على جنوده أثناء تواجدهم فيهما او على مقربة منهم اضافة الى مقتل جنديين متمركزين داخل دباباتهم.
فنتاج التحقيق الأولي التي نقلتها وسائل إعلام الاحتلال كشفت أن عدد من أفراد المقاومة أطلقوا قذائف آر بي جي من على بعد 10 أمتار من موقع تجمع الجنود في منزليين إنهم انسحبوا دون أن تسجل في صفوفهم اية اصابات بعد تمكنهم من استهداف المنزلين ودبابة.
تحقيق نسف سريدة الاحتلال العسكرية وشكك في حقيقة ما يقدمه من معطيات ميدانية تسوق انتصار عسكري واقترابه من حسم الحرب، وهو ما يكشفه ايضا تناقض التصريحات الرسمية الصادرة عن قادته وآخرها اشارتهم الى ان الحرب دخلت مرحلة ثالثة قوامها الاعتماد على عمليات جراحية تنفذها القوات الخاصة، وبين القول ان الحرب قد تمتد لأشهر عدة وان هناك توجه لتعبئة جيش الاحتياط.
تناقض لا فقط في الشأن العسكري بل والسياسي حيث تتناقض مضامين تصريحات رئيس حكومة الاحتلال بشأن مفاوضات صفقة تبادل الاسرى مع المقاومة، فهو ينفي صباحا في تدويانت له ثم يقر بوجودها مساء بل انه ووفق وسائل اعلام الاحتلال رسم ما يعتبره بنود صفقة، تتضمن تبادل الاسرى والانسحاب التدريجي من القطاع.
صفقة يعلن ورزاء الاحتلال عن مضامينه وسرعان ميتناقضون مع انفسهم، فهم طورا يعلنون عن عرضهم لهدنة بشهرين ثم يتراجعون وتمسكون باستمرار العمليات العسكرية دون انقطاع، وكانهم يبحثون عن تقديم خطابات هدفها الوحيد ارضاء جمهور متناقض في الداخل والخارج.
ازمة الاحتلال اليوم لم تعد مقتصرة على عدم صمود اي من تقدمه العسكري الظرفي في قطاع غزة بل في فقدان للجزء الاعم من المعطيات السامحة له بفهم الميدان والتعاطي معه وفق ذلك، ويضاف الى هذا اهتزاز في سياساته الداخلية والخارجية وهشاشة بنيته الحكومية التي باتت اليوم احد عناوين ازمة الاحتلال جنبا الى جنب مع كل من ملف الاسرى والحرب على غزة.
تعقد المشهد والاوضاع لدى الاحتلال لا يعنى ان المقاومة انتصرت او ان طريقها مفتوح للانتصار في ظل رهانات اقليمية وعالمية متشعبة متفرعة، تبرز اليوم في تطور الموقف الاوروبي الذي عرض وثيقة داخلية للنقاش تتعلق ببنود خطة سلام دائم تقوم على حل الدولتين مع التلويح بان لديه الامكانيات والوسائل لفرض هذا الامر على الاحتلال ان لم ينصع.
تعقيدات لا يغيب عنها الوضع الانساني والميداني في قطاع غزة الذي يبلغ ساعة قراءة المقال يومه الـ110 وهو في طريقه لاستكمال الشهر الرابع من الحرب عرب كل الجميع وكشفت عن هشاشة منظومة الاخلاقية والقانونية الدولية.