ولن نحلّل الصورة التي ظهر عليها «الشاهد» من حيث الإلمام بفنّ التواصل أو أناقة المظهر أو تناسق حركات الجسد.... ولن نتطرّق إلى مضمون خطاب «الشاهد» من حيث الإخبار عن القرارات والإجراءات المتخذة والإنجازات القادمة والرؤية... فهذه المسائل محكومة بـ«سوف»: «سنطلق» «سيسهل»،«سيكون»، «سننطلق»، «سنوفّر» ،«سنحسّن» ،«سيقع»... ولكنّنا نريد التوقّف عند لغة الخطاب، وبالتحديد عند جندرة هذا الخطاب متسائلين عن حضور النساء باعتبارهن مواطنات يتوجّه «الشاهد» إليهن بالخطاب ويشرّكهن في الشأن العامّ.
فبالرجوع إلى هذا الحوار نتبيّن أنّ رئيس الحكومة يخاطب «المواطن» وقد ردّد هذه اللفظة أكثر من (6) مرات وقس على ذلك ورود ألفاظ من قبيل:«الوليّ» ، «الإبن» «الشاب المتحصل على ديبلوم»، «المستثمر»(6) ، «المتهرّب عن دفع الضرائب»و«شاب معطل عن العمل»، «ترى واحدا يتهرب من الضرائب» ،«ترى واحدا يبلغ عن الفساد»، «حامل للشهادة العليا» ، «طالب شغل» ، «الشابّ»، «الشركة تدمجه، تحتاجه، هو دخل في الحياة»....
شبّبنا الحكومة أي نعم، واخترنا من له عقلية منفتحة على ما يجري في العالم ،وقدّمنا سليل عائلة عريقة نهضت فيها المرأة بدور ريادي في تشكيل الحركة النسائية ... ولكن ها نحن نتبيّن أنّ هذا الجيل من الشبان والكهول محافظ على «الثوابت» في ما يتعلّق ببنية الخطاب ولغة الخطاب وتصوّر المتقبلين للخطاب والمتفاعلين معه ... وهي مفارقة عجيبة فقد تأقلم الشيخان مع مطالب النساء واضطرت قيادات إسلامية وقومية ويسارية تحت ضغط مارسته النسويات إلى «إقحام» النساء في الخطاب باعتبارهن شريكات في الوطن ومساهمات في النهوض به فهل يتأقلم الجيل الشاب؟
كنّا نحسب أنّ إدارة الحوار وفق مبدأ التناصف ستجعل الإعلامية واعية بضرورة توجيه الرسالة إلى الرجل والمرأة على حدّ سواء فوجدناها تتحدّث عن «المستثمر»، «أصحاب الشهادات العليا» ...فأنّى لنا أن نطوّر خطابنا والحال أنّ العمى الإدراكي جليّ لدى المؤثرين في الرأي العام وصانعي الخطاب. فهل بإمكان الإعلاميين أن ينتبهوا إلى أهمية جندرة لغة الخطاب؟.
كنّا نخال أنّ وزير التعليم العالي وحده الذي تناسى ذكر الطالبات وهو يخاطب المقبلين على الدراسة ، كنّا نحسب أنّه لم ينتبه إلى أنّ....