ثالثا تقديم أولويات حكومته مع الإعلان عن بعض القرارات، وأخيرا طلب الدعم ومد يده للجميع.
يطل يوسف الشاهد رئيس الحكومة المكلف اليوم من على منصة مجلس نواب الشعب ليلقي ثالث خطاب له منذ كلف، بعد ان أحسن إدارة خطابه الأول في 3 أوت الجاري وقدم نفسه في مظهر رجل الدولة الحاسم في أمره وقراراته، لتتراجع هذه الصورة في خطاب 20 أوت تاريخ تقديم تشكيلته الحكومية وتحفر صورة المتردد غير القادر على فرض خياراته.
صورة الشاهد التي لم ترسخ بعد في ذهن المهتم بالشأن العام أو القائمين عليه في تونس يراد لها من خلال خطاب المصادقة أن تتشكل من جديد لتقدمه في صورة الرجل القوي القادر على فرض خياراته وقراراته على الجميع لكن دون الوقوع في ترسيخ صورة «المتصلب» بإضفاء سحنة من المرونة والعفوية، في كلمته اليوم أو في كواليس وهوامش جلسة التصويت.
التخطيط المحكم للكلمة الذي انطلق منذ يوم التكليف يقوم على ثنائية طلاقة اللسان اثناء تقديم ببيان الحكومة الاول او ما يعرف ببان المصادقة، وتجنب الظهور في مظهر المتردد أو التلعثم أثناء الحديث، وثانيها وضوح المضمون وحمله لعناصر تحدث الرجة.
هذه العناصر التي لن يكون من بينها شكر من ساهم في المبادرة وشاركت في مسار المشاورات، دون استثناء من رفض أو انسحب، بالإضافة الى تقديم ابرز محطات المشاورات والتذكير بما قيل يوم السبت 20 أوت من أن الشاهد استأنف المشاورات مع من انسحب، في إشارة الى الحزب الجمهوري والمسار وحركة الشعب، وشرح منهجيته في اختيار فريق حكومته وهيكلة حكومته التي سيربط بينها وبين الأولويات التي حددت في وثيقة قرطاج واختار هو منها 5 أولويات مستعجلة وهي كسب المعركة ضدّ الإرهاب، والتصدّي للفساد، ورفع نسبة النموّ، التحكم في الموازنات المالية، والعناية بالنظافة والبيئة.
الشاهد الذي سيستعرض من جديد اليوم أولويات حكومته ويفصل الأولويات وفق محاور. سيعلن عن جملة من القرارات التي ستباشر حكومته في تنفيذها وهي قرارات تتعلق بملف التنمية والتشغيل. بعد ان تعهد في كلمة سابقة بتغيير منوال التنمية تديرجيا مع إيلاء أهمية للمهن الصغرى وللمبادرة الفردية اللذين ينتظر ان تعلن بشأنهما جملة من القرارات لفائدة العاطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا.
قرارات الشاهد التي لن تتوقف على التنمية والتشغيل وستشمل ملف مكافحة الفساد بعد تحديد صلاحيات الحكومة والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتقديم الدعم المادي واللوجستي للهيئة وإطلاق يدها في مكافحة الفساد وإحالة الملفات على القضاء.
الرجة التي يبحث الشاهد عن إحداثها في قبة مجلس النواب لن تتحقق له بإعلانه عن جملة من القرارات، وهو يدرك ذلك مما جعله حريصا على ان يبتدع أفكارا من خارج الصندوق، وفق مقربين منه، سيستعرضها اليوم وتتعلق بالأساس في الضغط على الموازنة والتحكم في المالية العمومية.
وملف المالية العمومية سيكون حجر الأساس في الرجة النفسية، حيث يعتزم الشاهد كشف الوضع العام للبلاد التونسية وحجم الديون والنفقات وموارد الموازنة والمخاطر المرتبطة بارتفاع العجز والتداين.
تقديم الوضع العام والكشف عن الحالة الحرجة التي تمر بها البلاد سيكون فاتحة الشاهد وحجة لطلب الدعم من الجميع، مجلسا احزابا وشارعا، لتجاوز الوضع الصعب كما ستكون ورقته السحرية لحث البعض على مصافحة يده التي يعتزم ان يمدها في كلمته للجميع دون استثناء.
لكن حسابات الحقل تختلف عن حسابات البيدر، فالشاهد الذي اعد بيان حكومته واعد نفسه للرد عن الاستفسارات التي ستوجه إليه في النقاشات مع النواب سيكون صاحب القرار النهائي في كيفية مغادرة قصر باردو (مجلس نواب الشعب)، كرجل دولة احسن نحت صورته في الاذهان او يعلن عن بدء العد التنازلي لنهايته السياسية.