ملفات حارقة في انتظار حكومة الشاهد: هل للشاهد استراتيجية في المالية العمومية ... الاستثمار ... التشغيل... الحرب على الإرهاب والفساد

يبحث يوسف الشاهد رئيس الحكومة المكلف على ان يضمن دعم الطيف السياسي والشارع التونسي لحكومته التي رسم لها أولويات خمس، يدرك انها لن تنجز دون إستراتيجية واضحة تستوجب حلولا من خارج الصندوق.

في اول خطاب له يوم كلف بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية حرص يوسف الشاهد على ان يرسم صورة له في الأذهان، وهي صورة القادر على تحقيق ما يعد به ورجل الدولة العارف بتفاصيل التسيير وان يجعل لحكومته برنامجا خاصا بها مستلهما من وثيقة قرطاج.
هذا البرنامج او الأولويات الحارقة التي تعهد يوم 3 اوت الجاري بان حكومته ستركز كل جهدها على تحقيقها، عبر عنه في خمس نقاط اولها كسب المعركة ضدّ الإرهاب، ومكافحة الفساد، ورفع النموّ، التحكم في الموازنات المالية، والعناية بالنظافة والبيئة.
نقاط خمس عاد يوم اعلن عن تشكيلة حكومته ليتطرق اليها ليعلن انه للحفاظ على النجاحات المحققة في الحرب على الإرهاب قرر الإبقاء على الوزراء المعنيين بالحرب في مناصبهم وهما بالاساس، وزير الداخلية والدفاع.

الابقاء على ذات الإستراتيجية والاعتماد على الاستمرارية قد يمكنا الشاهد من الحفاظ على التحسن الذي شهدته تونس في الملف الأمني ولكن ذلك لن يكون كافيا، فعليه ان يذهب خطوة ابعد مما ذهبت اليه حكومة الصيد في ما يتعلق بقطب مكافحة الارهاب والمؤتمر الوطني لمكافحة الارهاب الذي تعطل مرارا.

لكن ليس ما يجب ان يقلق الشاهد هو ما ستحققه حكومته المنتظر المصادقة عليها يوم الجمعة القادم في ثلاثة ملفات حارقة متصلة ببعضها- وجل الملفات باتت مترابطة- وهي التنمية والتشغيل وحسن تديبر المالية العمومية.
الشاهد الذي يستلم السلطة قبل أربعة اشهر من حلول سنة 2017 عليه ان يدرك جيدا ان الوضع العام للمالية العمومية التونسية ليس بخير بالمرة وان اكبر تحدي ستواجهه حكومته هو إدارة هذا الملف في ظل توقعات بارتفاع النفقات في موازنة 2017 لتتجاوز الـ30 مليار دينار، تتوزع بين كتلة الاجور التي بلغت 14.6 مليار دينار وتسديد الديون وخدمات الدين، بالاضافة الى نفقات الدعم والتصرف دون اغفال موازنة التنمية.
ارتفاع النفقات التي يقدر عدد من الخبراء ، على غرار حكيم بن حمودة وزير المالية السابق، قد تبلغ حاجز 35 مليار دينار في ظل ثبات الموارد التي لن تتجاوز سقف 22 مليار دينار، مما يعني ان العجز في الموازنة مرشح للارتفاع وربما تجاوز العجز المتوقع لسنة 2016 والبالغ 3.9 مليار دينار.

ارقام وحسابات ينبغي لحكومة الشاهد ان تعد تصورا وإستراتيجية لإدارتها والتوفيق بين اجتناب إثارة احتجاجات او استثارة الشارع ضدها وهي لا تزال تبحث عن تثبيت أقدامها في الحكومة، وعدم الايفاء بالتزاماتها المالية مع المجتمع الدولي.
الوصول الى حل يراوح بين هذين الخطين- مع خطر رفض الاسواق المالية الخارجية تقديم قروض ما لم ترتبط بإصلاحات هيكلية- يستوجب التفكير من خارج الصندوق وتنفيذ إصلاحات هيكلية لا يحمل المواطن وزرها بمفرده.
الإصلاحات قد تكون شرط المستثمرين لدخول السوق التونسية، ولكنها لن تكون كافية في ظل تراجع مناخ الاستثمار وتاخره في تونس، وهذا الملف الثاني الذي يجب ان تجد له حكومة الشاهد حلا من خارج الصندوق ولن تكون فكرة التشجيع على إحداث مشاريع صغرى ومنح قروض من بين الأفكار التي يمكن القول أنها من خارج الصندوق.

الأمر نفسه للحديث عن تغيير مناوال التنمية في تونس، إذ أن الانتقال من منوال تنمية يقوم بالأساس على دور الدولة في الاستثمار وصناعة الثروة الى منوال تنمية جديد يمزج بين الاقتصاد التضامني واقتصاد السوق مع دور تعديلي للدولة يتطلب الكثير من الوقت، وهو غير متوفر بالنسبة لحكومة الشاهد.

الوقت مرتبط بالوضع الاجتماعي الذي قد يعصف بالحكومة هو التشغيل، في ظل ارتفاع نسبة البطالة الى 15.6 %، وقلة الخيارات المتاحة لاي حكومة. فالانتدابات في الوظيفة العمومية لم تعد خيارا ممكنا ونسق التنمية الحالي لن يمكن من استعاب العاطلين عن العمل او خلق فرص عمل من أصله.

كل هذا يجعل من معالجة ثلاثة ملفات (التمنية والاستثمار .. التشغيل..المالية العمومية) مرتبطة ببعضها البعض وكلها مرتبط بأولوية محاربة الفساد الذي يكلف البلاد 4 نقاط في التنمية (2 مليار دينار في الموارد، حوالي 60 الف موطن شغل)، ولن تكون مبادرة مضاعفة ميزانية هيئة مكافحة الفاسد كافية.

الشاهد الذي تعهد في كملتيه ان يحارب الفساد سيكون مطالبا بان يقدم ادلة على محاربته فعليا، وان يفتح باب المحاسبة ليس على صغار الموظفين الفاسدين وانما على «مافيا» الفساد المستشرية في البلاد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115